فسـ ـاد في المشـ ـافي الحكومية بدمشق يزيد من معـ ـاناة المرضى: العـ ـلاج لمن يـ ـدفـ ـع أولاً

بيئة صحية منهارة ونظام فاسد

تشهد المشـ ـافي الحكومية في العاصمة دمشق تصـ ـاعداً في ممـ ـارسات الفسـ ـاد والابتـ ـزاز المـ ـالي، ما يضـ ـاعف معـ ـاناة المـ ـرضى، الذين يواجـ ـهون ظـ ـروفاً صحية واقتصادية متـ ـردية. فقد وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان شهـ ـادات من مـ ـرضـ ـى ومراجعين تؤكد انتشار ظـ ـاهرة دفـ ـع الرشـ ـى مقابل تسريع الحصول على العمـ ـليات الجـ ـراحية والخدمات الطبية، في مؤسسات من المفترض أن تقدم الرعاية الصحية بالمجان أو بأسعار رمزية.

4000 دولار ثمناً للعلاج

وبحسب الشهادات التي حصل عليها المرصد، يُطلب من المرضى دفع ما بين 1000 و4000 دولار أميركي، لقاء تسريع دورهم في جدول العمليات أو إدخالهم الفوري إلى غرف الجراحة، في وقتٍ تُترك فيه الحالات الحرجة معلّقة بانتظار شهور، أو تُضطر للبحث عن بدائل مكلفة في القطاع الخاص.

سعاد (38 عاماً)، وهي مريضة بحاجة إلى تدخل جراحي عاجل، روت تجربتها قائلة: “عندما ذهبت إلى المستشفى، قيل لي إن بإمكاني الحصول على دور فوري إذا دفعت 4000 دولار. هذه المبالغ ليست في متناول يد أي شخص، وأنا أحتاج للعلاج الآن. ليس لدي سوى الانتظار بينما وضعي يزداد سوءًا”.

أما أحمد (45 عاماً)، فأكد أن ما يجري “تحويل للرعاية الصحية إلى مزاد مغلق”، مضيفاً: “نحن نعيش ظروفاً معيشية قاسية، ويجب أن تُعطى الأولوية للمرضى بناءً على حالتهم، لا على قدرتهم المادية. تحويل الألم والمرض إلى وسيلة للربح هو قمة الانحدار الأخلاقي”.

موظفون وسماسرة داخل المشافي

وتشير شهادات إضافية إلى أن بعض الأطباء والموظفين في أقسام الجراحة والتنسيق الطبي يتعاونون مع “وسطاء وسماسرة” يعملون بشكل غير رسمي داخل المرافق الصحية، حيث يتقاضون عمولات مقابل إدراج المرضى على قوائم العمليات بصورة غير قانونية، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة.

بيئة صحية منهارة ونظام فاسد

وتأتي هذه الوقائع في وقت تشهد فيه المنظومة الصحية في سوريا انهياراً شبه كامل، بفعل الحرب الطويلة، ونقص التمويل، وهجرة الكوادر الطبية، والعقوبات، إلا أن الفساد الإداري والمالي داخل المشافي الحكومية يزيد من تفاقم الأزمة.

ويطالب المواطنون والمرصد السوري لحقوق الإنسان بفتح تحقيق رسمي وشفاف في ممارسات الابتزاز المالي داخل المشافي الحكومية. ومحاسبة المتورطين من الأطباء والإداريين وفق القوانين. ووضع آليات مراقبة فعالة لضمان أولوية العلاج بحسب الحالة الصحية وليس القدرة المالية. وإعادة هيكلة النظام الصحي وتأمين موارد طبية وبشرية كافية تضمن وصول العلاج لكل مواطن.

ففي الوقت الذي يحتاج فيه السوريون إلى رعاية طبية عادلة، يتحوّل المرض إلى عبء إضافي تثقله كلفة الفساد، بينما تغيب السلطة عن دورها في حماية حق المواطن في العلاج.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى