سلـ ـطة الشـ ـرع تسير نحو “تفـ ـرد سلـ ـطوي” بنكهة ديـ ـنـ ـية – استبـ ـعاد للمكونات وتكرار لنهج الأسـ ـد

سلطة ذات نزعة انتقامية طائفية تعيد إنتاج الدكتاتورية بشكل جديد

تتجه السلـ ـطة الجديدة في دمشق، بقيادة أحمـ ـد الشـ ـرع، نحو ترسيخ حكم انفـ ـرادي عبر سلسلة خطوات متسارعة، بدأت بإعلان “المؤتمر الوطني” بشكل أحادي، وتنـ ـصيب الشـ ـرع رئيساً للبلاد بقرار صادر عن العسـ ـكر، ثم إصدار إعلان دستوري دون مشاركة أو توافق وطني، وصولاً الآن إلى التحضير لإجراء انتخابات برلمانية من طرف واحد، يُنظر إليها على أنها محطة جديدة لترسيخ حـ ـكم استبـ ـدادي بصيغة ديـ ـنـ ـية-سنـ ـية واضحة.

وأعلن محمد الأحمد، رئيس ما يسمى اللجنة العليا للانتخابات في سوريا والتي شكلتها السلطة الجديدة، الأحد، أنه من المتوقع إجراء انتخابات مجلس الشعب خلال الفترة الممتدة ما بين 15 و20 أيلول المقبل، مشيراً إلى زيادة عدد مقاعد البرلمان من 150 إلى 210 مقاعد.

كما أكد أن الرئيس المؤقت أحمد الشرع سيقوم بتعيين ثلث أعضاء المجلس، في خطوة تثير جدلاً واسعاً حول مدى استقلالية المجلس وقدرته على أداء دوره التشريعي لأن ثله سيتم تعيينه والثلثين الآخرين سيتم انتخابهم من الموالين لهذها السلطة بعد إقصاء بقية المكونات السورية.

ويأتي هذا التوجه نحو الانتخابات في وقت لا تزال فيه القوى السياسية والمجتمعية السورية المختلفة، بمن فيها العلويون والكرد والدروز والإسماعيليون، مغيّبة عن المشهد السياسي، ما يؤكد توجه السلطة نحو إقامة نظام “إسلامي سني” ذي طابع إقصائي، يعيد إنتاج النموذج السلطوي لحكم بشار الأسد ولكن بمرجعية أيديولوجية مختلفة.

وأشار الأحمد في تصريحاته إلى ضرورة استبعاد كل من وقف مع “المجرمين” أو دعا إلى “الطائفية والتقسيم”، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على نيّة السلطة إقصاء المعارضين والنشطاء المدنيين، واستخدام شعارات فضفاضة لتصفية الخصوم سياسياً، ما يعيد إلى الأذهان أسلوب الإقصاء الذي مارسه نظام الأسد لعقود طويلة.

ورغم إعلان اللجنة نيتها السماح لمنظمات المجتمع المدني والجهات الدولية بمراقبة العملية الانتخابية، إلا أن الإشراف الكامل يبقى بيد لجنة معينة من قبل السلطة ذاتها، ما يُضعف من مصداقية العملية الانتخابية ويحوّلها إلى إجراء شكلي يهدف إلى إضفاء شرعية على بنية حكم غير تشاركية.

وفي السياق ذاته، فأن هذه السلطة ارتكبت مجازر مروّعة بحق مدنيين من المكونات السورية غير السنية، في إطار سياسة ممنهجة لإرهاب وإقصاء تلك الجماعات من المعادلة الوطنية.

ففي الفترة ما بين 6 و9 آذار من العام الجاري، شهد الساحل السوري مجازر مروّعة راح ضحيتها أكثر من 1500 مدني من أبناء الطائفة العلوية، بينهم نساء وأطفال، إثر هجمات منسّقة شنتها مجموعات عسكرية تابعة للسلطة الجديدة تحت ذريعة “تطهير مناطق موالية للنظام السابق من فلول النظام”.

كما نفذت قوات موالية للسلطة الجديدة هجمات دموية على محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، بدأت في 13 تموز الجاري، وأسفرت عن مقتل المئات من المدنيين وتدمير بلدات ومزارع بشكل ممنهج.

وتظهر هذه الخطوات المنفردة التي تتخذها سلطة الشرع، النزعة الانتقامية الطائفية التي تتناقض مع أي حديث عن بناء دولة مواطنة أو مشروع وطني جامع.

ويرى محللون أن هذه الانتهاكات، إلى جانب المسار السياسي الأحادي، تؤكد أن سلطة الشرع لا تختلف جوهرياً عن سلطة بشار الأسد، بل تسير في ذات الطريق ولكن بأدوات جديدة، تجمع بين العسكرة والتديّن السياسي والإقصاء الطائفي.

ويحذر متابعون من أن هذا المسار يعمّق الانقسام الطائفي والمجتمعي في سوريا، ويقوّض فرص التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن مشاركة كل المكونات السورية. كما يُخشى أن يؤدي هذا النهج إلى إعادة إنتاج الدكتاتورية بشكل جديد، يُعيد البلاد إلى نقطة الصفر بدل أن يفتح طريقاً للانتقال السياسي الحقيقي يحقق تطلعات السوريين الذين خرجوا في الثورة ضد النظام السابق.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى