بين الإعلام والواقع: أهالي السويداء يشـ ـكون محدودية المساعدات ونهـ ـب منـ ـظـ ـم في الريف

في ظل تصـ ـاعد الأزمـ ـة الإنسانية في محافظة السويداء، تتزايد الفجوة بين ما تنقله وسائل الإعلام الرسمية حول وصول المساعدات، وبين ما يعيشه الأهالي على أرض الواقع من معاناة حقيقية، وانعدام أبسط مقومات الحياة. فبينما تُبثّ مشاهد وصول قوافل إغاثية قادمة من دمشق، ينقل سكان من مناطق مختلفة صورة أكثر قسوة، تتمثل في استمرار حـ ـالات النـ ـهب، وتعـ ـطل الخدمات، وحـ ـرمـ ـان آلاف العائلات من أساسيات العيش والتعليم.
وتشير العديد من الشهادات المتقاطعة من أهالٍ في ريف السويداء إلى أن القرى الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية والمجموعات العشائرية تشهد منذ أيام موجات نهب وتخريب ممنهجة. طالت هذه الاعتداءات منازل المدنيين وممتلكاتهم في قرى مثل: الصورة الكبيرة، حزم، أم حارتين، خلخلة، رضيمة اللوا، لاهثة، الخالدية، المتونة، السويمرة، لغا، شهبا، وأم الزيتون. ولم تقتصر عمليات “التعفيش” على الأثاث والنوافذ، بل شملت أيضاً اقتلاع الأشجار المثمرة، وتخريب آبار المياه، وسط غياب تام لأي رادع أو تدخل من الجهات المسؤولة.
وفي الوقت ذاته، وصل اليوم قافلة المساعدات الإنسانية الرابعة إلى المحافظة عبر معبر بصرى الشام، وتتألف من 22 شاحنة محملة بـ27,000 ليتر من المحروقات، و2,000 سلة غذائية، و2,000 سلة صحية، و10,000 عبوة مياه شرب، إضافة إلى 40 طناً من الطحين ومواد طبية متنوعة. وعلى الرغم من أهمية هذه المساعدات، إلا أن سكان المحافظة يؤكدون أنها لا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية، خاصة بعد نزوح الآلاف من أهالي ما لا يقل عن 30 قرية خلال الأسابيع الماضية.
ويشير الأهالي إلى أن أزمة المحروقات تعيق بشكل مباشر تشغيل الأفران والمستشفيات، حتى في ظل توفر الطحين، حيث تعتمد تلك المرافق الحيوية على كميات محدودة جداً من الوقود، ما يجعل استمرارها مهدداً بالتوقف في أي لحظة. هذا النقص لا يمس فقط المواد الغذائية، بل يشمل أيضاً المياه والدواء، ما يزيد من الضغط على السكان في ظل ظروف معيشية صعبة.
إلى جانب ذلك، تعاني الأسواق المحلية من انعدام شبه تام للسلع الأساسية مثل اللحوم، حليب الأطفال، الفواكه، الخضار، فضلًا عن توقف عمل وحدات تحويل الأموال. كما تواصل التوترات الأمنية إغلاق الطرق الرئيسية، وعلى رأسها طريق دمشق – السويداء، ما يمنع وصول الإمدادات التجارية ويكرّس عزلة اقتصادية خانقة على المحافظة.
وفي هذا السياق، تتصاعد الدعوات المحلية والدولية إلى ضرورة فتح ممرات إنسانية آمنة وفعالة، تضمن وصول المساعدات إلى كافة المناطق المتضررة دون عراقيل، مع اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين وممتلكاتهم من النهب والانتهاكات المتكررة.
كما يطالب السكان بتغطية إعلامية واقعية تُنقل معاناتهم بصدق، بعيداً عن المشاهد الرسمية التي لا تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تمر بها السويداء.
وبينما تستمر معاناة السكان تحت وطأة التهجير والحرمان والفوضى الأمنية، تبقى الاستجابة الإنسانية دون المستوى المطلوب، في ظل عجز واضح عن احتواء الأزمة ومعالجة تداعياتها على الأرض.