مسار باريس.. ثوابت واضحة من جانب الإدارة وغموض وتخبط من الحكومة المؤقتة

منذ بدء مسار باريس الخاص بالمفاوضات بين الإدارة الذاتية والحكومة المؤقتة في دمشق، شهر تموز الفائت، أكدت مختلف تشكيلات الإدارة الذاتية عبر بيانات رسمية وتصريحات إعلامية، تمسكها وعدم رفضها لمسار باريس.

وحتى بعد أن لمحت الحكومة المؤقتة بشكل رسمي إلى رفضها المضي في مسار باريس مؤخراً، جددت الإدارة الذاتية تمسكها بالمسار وأعلنت التمسك بثوابتها القانونية الدستورية.

مسار مفاوضات برعاية فرنسية أمريكية

في 25 تموز الفائت أصدرت كل من سوريا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، بياناً مشتركاً ، تم فيه الاتفاق على عقد جولة مشاورات بين الحكومة السورية ووفد من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في العاصمة الفرنسية باريس في أقرب وقت ممكن، بهدف استكمال اتفاق العاشر من آذار/ مارس بشكل كامل.

استعداد للمشاركة وثوابت واضحة وصريحة

وفور صدور البيان أعلنت الإدارة الذاتية بمختلف تشكيلاتها المدنية والعسكرية عن ترحيبها بمسار باريس. وترى الإدارة أن نجاح الحوار يتطلب عدم وضع شروط مسبقة له للوصول إلى الأهداف، فضلاً عن أهمية التعامل الواضح لفهم مشروع الإدارة واستيعابه.

كما ترى الإدارة أن النظام السياسي بشكله اللامركزي وفق دستور ديمقراطي للبلاد هو ضامن لحقوق جميع المكونات دون استثناء، وكذلك هو حل لكل القضايا السياسية، الاقتصادية، والثقافية، والأمنية، والصحية.

وفيما يتعلق بموضوع دمج قوات سوريا الديمقراطية مع الجيش السوري، ترى الإدارة الذاتية أنه يمكن أن يتم على أساس أن تصبح جزءاً من الجيش الوطني السوري وتابعة لوزارة الدفاع، دون الإفراط بقواها ونظامها، أو ترك السلاح، خاصة وأن سوريا لا زالت بحاجة إلى ضمانات دستورية ومشاركة فعلية في المرحلة الانتقالية، والأهم هو أن “قسد” لا زالت تخوض حرباً شرسة ضد “الإرهاب”، مفسراً: “الوضع الحالي يفرض أن يكون هناك خطط وبرامج للاستفادة من التجارب والخبرات العملية أكثر لمواجهة التحديات المشتركة، لا تشتيته”.

تعثر وتأجيل مفاوضات باريس

رغم وضوح موقف الإدارة الذاتية وثبات مطالبها وعلينتها، إلى مسار مفاوضات باريس اصطدم بغموض وتسويف الحكومة السورية المؤقتة، مما أدلى إلى تأجيل أول لقاء كان من المفترض أن يجري في باريس.

ففي 24 تموز أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ، ، تأجيل اللقاء المرتقب في العاصمة الفرنسية باريس مع وفد من الحكومة السورية المؤقتة ، دون الكشف عن الأسباب، أو الجهة التي بادرت إلى التأجيل، أو موعد جديد مقترح للحوار .

كريم قمر، الممثل الدبلوماسي للإدارة الذاتية في فرنسا، قال إن “الاجتماع الذي كان مرتقبًا قد تم تأجيله”.

باريس أو دمشق أو الحسكة، اختلفت الوجهة والثوابت لم تتغير

لم يبدو أن الإدارة الذاتية على عجلة من أمرها فيما يتعلق بالمفاوضات مع دمشق، كما أن لم تساير الحكومة من باب تسهيل المفاوضات، خاصة عندما تعلق الأمر بالاعتداء على المكونات السورية في باقي المناطق خاصة العلويين والدروز.

وفي خطوة لتأكيد موقفها الوطني عقدت الإدارة الذاتية بتاريخ الثامن من شهر آب الجاري مؤتمراً لتوحيد موقف الأقليات فيما يتعلق بمستقبل البلاد، أكدت فيه مجداً موقفها الثابت حيال قيام دولة لا مركزية تعددية ودستور وطني شامل.

مؤتمر الحسكة حجة دمشق التي لم تقنع أحداً

لم يمضي يوم واحد على لقاء الحسكة، حتى أعلنت الخارجية السورية انسحابها من مفاوضات باريس.
ونقلت وسائل إعلام سورية عن مصدر في وزارة الخارجية أن مؤتمر الحركسة “شكّل محاولة لعرض طروحات تتعارض مع اتفاق 10 مارس”.

وبناء على ذلك قررت الحكومة السورية أنها “لن تشارك في أي اجتماعات مقررة في باريس.
بغض النظر عن الضغوط التركية على الحكومة السورية للانسحاب من مسار باريس، فإن تحليلات عديدة ذهبت لجهة أن الحكومة السورية لا تملك تصوراً واضحاً لمستقبل البلاد، ولا تزال تعول على بناء نظام مركزي متشدد بلون واحد.

محاولات لإحياء مسار باريس

رغم تصريحات الخارجية السورية، إلا أن مسار باريس لا يزال قائماً سواء من قبل الجهات الراعية أو من الطرف الثاني في المفاوضات، وهو الإدارة الذاتية.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية أمس الأربعاء إن “فرنسا التي قطعت التزامًا أثناء مؤتمر باريس بشأن سوريا في شباط/فبراير المنصرم تواصل عملها الدؤوب سعيًا إلى عملية انتقالية سلمية تتيح إعمار سوريا حرة وموحدة وسيادية ومستقرة وتمثل الجميع وتندرج في بيئتها الإقليمية على نحوٍ كامل”.

وقالت الخارجية في بيان “نواصل في هذا السياق بمعية شركائنا الأمريكيين التحاور بانتظام مع ممثلي شمال شرق سورية والسلطات الانتقالية ونواصل جهودنا الرامية إلى تقريب وجهات النظر”.

من جانبها قالت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سوريا في منشور عبر حسابها على منصة ” إكس”: “نبدي استعدادنا لاستكمال المباحثات في اجتماع باريس القادم مؤكدين أن الحوار والتوافق هما الطريق الوحيد لبناء مستقبل سوريا المزدهر لجميع أبنائها”.

وأضافت: “نؤكد باستمرار تمسّكنا بسوريا الموحَّدة وسلامة أراضيها، ورفضنا القاطع لكل مشاريع التقسيم، في كل مناسبة وموقف”.

وشددت أحمد على التزامهم “باتفاقية 10 آذار بين الرئيس أحمد الشرع والجنرال مظلوم عبدي”.
وذكرت أنه “بناءً على ذلك نحن منخرطون في مباحثات بنَّاءة لتنفيذ بنود الاتفاقية بالاندماج الحقيقي على أساس الشراكة في إطار الدولة السورية، الوطن المشترك للجميع”.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى