تركيا تعزز نفـ ـوذها العسـ ـكري شرق حلب: قـ ـاعدة جديدة في مطار كويرس

سوريا أصبحت ساحة تنافس مفتوحة بين تركيا وإسرائيل

شهدت ليلة أمس تحـ ـركات عسـ ـكرية تركية واسعة في مطار كويرس العسـ ـكري شرق حلب، حيث بدأت القـ ـوات التركية بإنشاء قـ ـاعدة عسـ ـكرية متكاملة، تضمنت دخول رتل من الشاحنات المحمّلة بمعدات لوجـ ـستية وبيوت مسبقة الصنع، مصحوبة بآلـ ـيات مـ ـدرعـ ـة.

وأكدت مصادر محلية أن أنقرة تسعى لإعادة تأهيل مدرج المطار لاستخدامه كمنطلق للطائرات المسيرة، إلى جانب نشر منظومات رادار ودفاع جوي في محيط المطار، وإقامة غرف عمليات مشتركة مع الفصائل السورية الموالية لها والمنضوية حالياً تحت سقف وزارة الدفاع لدى سلطة دمشق ولكنها تأتمر بالأوامر التركية مباشرة.

وتربط بعض الأنباء هذه الخطوة بمحاولات تركيا توسيع نفوذها شرق حلب استعداداً لمرحلة تصعيد جديدة، وسط إشارات عن اتفاق تركي – روسي غير معلن لتبادل السيطرة على مواقع استراتيجية لمواجهة إسرائيل، بما يعكس التنسيق غير الرسمي بين موسكو وأنقرة لضبط خطوط النفوذ في سوريا دون مواجهة مباشرة.

أهداف تركيا في “الميثاق الملي”

وتسعى أنقرة عبر هذه التحركات إلى الوصول إلى حدود ما تسميه “الميثاق الملي”، الذي يضم محافظات حلب ودير الزور والرقة والحسكة، مستخدمة فصائل محلية موالية لها ومنضمة إلى وزارة الدفاع السورية لتحقيق غاياتها.

وسبق لتركيا استخدام هذه الفصائل في السيطرة على مناطق شمال سوريا مثل عفرين وجرابلس والباب وإعزاز ورأس العين وتل أبيض، في محاولة لتعزيز نفوذها العسكري والسياسي.

ومع وجود حكومة تأتمر بأوامرها في دمشق، تعمل تركيا على استغلال هذه العلاقة لضمان تثبيت مصالحها في الشمال السوري وتأمين خطوط نفوذ استراتيجية.

المنافسة التركية الإسرائيلية في سوريا

سوريا أصبحت ساحة تنافس مفتوحة بين تركيا وإسرائيل، كل واحدة تسعى لتحقيق أهدافها الاستراتيجية. أنقرة تركز على القضاء على الكورد ومنعهم من نيل حقوقهم إلى جانب الوصول إلى حدود ما تسميه “الميثاق الملي”، بينما تسعى إسرائيل إلى تثبيت سيطرتها على مناطق جبل الشيخ وحوض بردى لضمان أمنها المائي والعسكري وصد أي توسع تركي أو من قبل سلطة دمشق في الجنوب السوري.

هذا التنافس يتسم بالدقة العالية، إذ تلتزم كل دولة بعدم الدخول في مواجهة مباشرة، ويأتي ضمن إطار تفاهمات موسمية مع روسيا، التي تسعى بدورها للحفاظ على توازن القوى وإدارة مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

تصعيد محدود ومنافسة مستمرة

ويشير الخبراء العسكريون إلى أن الخطوة التركية في مطار كويرس قد تمثل بداية مرحلة جديدة من التوترات العسكرية على الأرض، خصوصاً مع تكثيف إسرائيل لمراقبتها الجوية ونشر قواتها في المواقع الحساسة جنوب سوريا. ومن المرجح أن نشهد تصعيداً محدوداً بين الطائرات المسيرة التركية ونقاط المراقبة الإسرائيلية، دون اندلاع مواجهة شاملة، بينما تعمل تركيا على تعزيز قواعدها اللوجستية وتثبيت نفوذها الاستراتيجي شرق حلب.

وعلى الصعيد السياسي، قد تؤدي هذه التحركات إلى إعادة ترتيب التحالفات المحلية والإقليمية، حيث ستحاول كل من روسيا وتركيا وإسرائيل ضبط مصالحها لتفادي مواجهة مباشرة، مع بقاء احتمالات التوتر العسكري والسياسي عالية. كما أن التنافس التركي الإسرائيلي يعكس الدور المتزايد للمنطقة في الصراعات الإقليمية، حيث تسعى كل دولة لتعزيز حضورها العسكري والسياسي بما يضمن مصالحها الإقليمية على المدى الطويل.

ويشير المراقبون إلى أن مطار كويرس أصبح نقطة محورية في الاستراتيجية التركية لتعزيز النفوذ شرق حلب، وفي الوقت ذاته، تركيا تعمل على توسيع سيطرتها على “الميثاق الملي” عبر فصائل موالية لها. مقابل ذلك، تشدد إسرائيل قبضتها على جنوب سوريا، مما يجعل المنطقة برمّتها محط صراع دقيق بين القوتين، مع احتمالات استمرار التحركات العسكرية والسياسية المكثفة خلال الأشهر القادمة.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى