واقع التعليم في مناطق سلـ ـطة دمشق.. قرارات تعـ ـسفـ ـية وشعـ ـارات ديـ ـنية وطـ ـائفـ ـية!
أعلام وصور تركية في الشمال السوري!

تواجه العملية التعليمية في مناطق سيـ ـطرة سلطة دمشق أزمـ ـات متلاحقة وسط سلسلة قرارات جديدة للمديريات التعليمية أثـ ـارت استـ ـياء واسعاً بين المعلمين والإدارات المدرسية وأولياء الأمور.
وفي السياق، أصدرت مديرية التربية والتعليم في القنيطرة، يوم الأحد 28 أيلول 2025، تعميماً يقضي بإنهاء عقود الوكلاء المكلفين والمثبتين بالأعمال الإدارية منذ عام 2020، والمكلفين بعقود التدريس بين 2021 و2023، مع استثناءات محدودة تشمل من لا بديل له داخل الملاك، ومن تجاوز سنه 55 عاماً، أو المصابين بأمراض مزمنة.
ويشير هذا القرار إلى توجه سلطة دمشق إلى استبعاد العاملين في المدارس والذين لا يتوافقون مع ذهنيتها وتعويضهم بموظفين آخرين تابعين لها، وسط مخاوف المعلمين من فقدان وظائفهم.
شعارات طائفية ودينية في المدارس.. استنساخ تجربة إدلب!
وفي إطار الفلتان الذي تشهده المدارس في مناطق سلطة دمشق، تداول نشطاء مقاطع فيديو لأطفال يرددون أناشيد تتضمن شعارات طائفية ودينية في مدارس بريف حلب، ما أثار جدلاً واسعاً حول تأثير هذه الممارسات على تنشئة الطلاب وتعزيز الانقسامات المجتمعية.
ويشير مراقبون إلى أن هذه التصرفات تؤكد رغبة سلطة دمشق التي تهمين عليها هيئة تحرير الشام، في استنساخ تجربة إدلب داخل المدارس، حيث يُفرض على الطلاب التزام صارم بالشريعة، ويُمنع الاختلاط بين الجنسين، مع التركيز على الدعوة الدينية كأساس للتربية والتعليم.
ويعتبر هذا النهج مثار قلق أولياء الأمور والمعلمين على حد سواء، إذ يخشى الكثيرون أن يؤدي إلى تقييد الحريات الفردية وتقليص فرص التعليم الشامل والمتوازن، إضافة إلى تعميق الانقسامات المجتمعية في مناطق تحتاج إلى سياسات تربوية أكثر انفتاحاً وشمولية.
وخشية ردود الفعل الشعبية، أصدرت وزارة التربية في سلطة دمشق تعميماً يمنع اعتماد أي نشيد أو شعار في المدارس العامة والخاصة، إلى حين اعتماد النشيد الوطني الرسمي والشعار المؤسسي للوزارة.
مظاهرات في دير الزور وحماة
ونظراً للقرارات التعسفية التي تصدرها سلطة دمشق، نظم معلمو دير الزور وقفة احتجاجية، عبروا خلالها عن استيائهم من عدم مراعاة العدالة والشفافية في التعيين والنقل بين المدارس، مطالبين بمراجعة التشكيلات وإعادة النظر في معايير النقل لضمان حقوق جميع المعلمين.
وفي ريف حماة الغربي، نفذ المعلمون اعتصاماً أمام مديرية التربية احتجاجاً على نقل أكثر من ألف معلم ومعلمة إلى مدارس بعيدة عن أماكن سكنهم، محملين السلطات مسؤولية الأعباء الطويلة والمخاطر الأمنية التي يواجهونها نتيجة هذه النقلات، واعتبروا القرار “استهدافاً طائفياً”.
وتشير المصادر إلى أن هذه التحركات الاحتجاجية تأتي في ظل تزايد القرارات التعسفية المرتبطة بقطاع التعليم، والتي تهدف إلى إعادة ترتيب الكوادر بما يخدم أهداف سلطة دمشق ولكنها في الوقت نفسه تزيد من معاناة المعلمين وتجعلهم عرضة للاستهداف الأمني، كما تهدد استقرار العملية التعليمية وتأثيرها على الطلاب في مناطق ريفية وأمنية صعبة.
أعلام وصور تركية في الشمال السوري!
وفي الشمال السوري، وتحديداً في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائل الجيش الوطني التابعة لها، لا تزال الأعلام والصور التركية ترفع في المدارس، ما أثار استياء الأهالي والمعلمين على حد سواء.
وتُظهر هذه الممارسات كيف أن ضعف سلطة دمشق وتبعيتها لأنقرة، يسمح بتسييس العملية التعليمية، وتحويل المدارس إلى أدوات لإيصال رسائل سياسية، بدل التركيز على التعليم والمناهج الأكاديمية.
ويعكس هذا التوجه أيضاً تأثير النفوذ التركي على البيئة المدرسية، حيث تُفرض رموز الولاء لقوى خارجية على الطلاب، ما يزيد من التعقيدات أمام جهود تثبيت التعليم العام والحفاظ على حياد المؤسسات التربوية.
الخبراء التربويون يعتبرون أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة التعليمية، حيث يشعر المعلمون بالإحباط بسبب نقص العدالة والمساواة في النقل والتعيين، كما قد تؤثر على جودة التعليم نتيجة نقل الكوادر الماهرة بعيداً عن مدارسهم الأصلية، ما يزيد من الضغط على المدارس ويضع العملية التعليمية في حالة ضعف مستمر.
ومع استمرار هذه السياسات، يتوقع أن تتوسع الاحتجاجات في مناطق متعددة، مع احتمال تصاعدها إلى إضرابات واسعة قد تعطل الدراسة في العديد من المدارس، ما يجعل الحاجة إلى مراجعة شاملة للقرارات ضرورية لتفادي أزمة تعليمية أكبر في مناطق سيطرة سلطة دمشق.