سوريا

صحيفة: جهود لإنقاذ «الخريطة الروسية» جنوب سوريا بعد تعثرها في درعا

تكثفت أمس الجهود لإنقاذ «الخريطة الروسية» بعد تعثر في تطبيق اتفاق توصلت إليه اللجنة المركزية للتفاوض في درعا البلد مع وفد الحكومة السورية برعاية الجانب الروسي بمشاركة «الفيلق الخامس» المدعوم من قاعدة حميميم، ذلك أن الناطق الرسمي والممثل للجنة التفاوض المركزية في درعا البلد المحامي عدنان المسالمة أعلن أمس انهيار الاتفاق الذي توصلت إليه اللجنة مع أطراف التفاوض، ذلك بعد رفض الشخصين المطلوب تهجيرهما للخروج من درعا البلد.
وكان الشخصان المطلوبان تعهدا أمام عشائر المدينة بالخروج وقبول التهجير ما مهد للاتفاق مع الجانب الروسي واللجنة الأمنية، لكن تراجعهما المفاجئ عن التهجير أدى إلى استئناف الأعمال العسكرية والقصف وحصار المدينة وعرقلة الاتفاق الذي بدأ تنفيذه عصر الثلاثاء، ودخلت الشرطة الروسية والفيلق الخامس إلى درعا البلد لتثبيت وقف إطلاق النار والبدء بتنفيذ مراحل الاتفاق، بحسب صحيفة الشرق الأوسط.
والشخصان هما محمد المسالمة الملقب بـ«هفو»، ومؤيد حرفوش وهم قائدان سابقان في فصائل معارضة جنوب سوريا بمدينة درعا البلد، متهمين من الحكومة السورية بتشكيل مجموعات مسلحة في المدينة، وتطالب اللجنة الأمنية والجانب الروسي بتهجيرهما كشرط أساسي للاتفاق، في حين أوضح المتهمان موقفهما أنه «من المفترض أولاً أن يتم انسحاب الفرقة الرابعة ومن ثم تبدأ عملية التهجير».
وعلى أثر ذلك، انسحبت الشرطة العسكرية الروسية وقوات الفيلق الخامس من النقطة التي انشأها في مدينة درعا البلد عند الساعة العاشرة ليل الثلاثاء – الأربعاء، التي من المفترض وفقاً للاتفاق أن تكون نقطة دائمة لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، وافتتاح مركز التسوية، وإجراء التسويات للأهالي، وحتى استكمال باقي بنود الاتفاق. وأكدت مصادر محلية أنه ستكون هناك مساع جديدة من الفيلق الخامس بعد حالة الانقسام التي صدرت من المطلوبين للتهجير.

  • مرحلة أولى
    وتضمنت المرحلة الأولى من الاتفاق في مدينة درعا البلد المتفق عليها بين الأطراف بما فيها الجانب الروسي ولجان التفاوض ومحمد المسالمة ومؤيد الحرفوش، إيقاف العمليات العسكرية في درعا البلد، ودخول الشرطة العسكرية الروسية وتثبيت نقطة لها جنوب درعا البلد، ثم تهجير مجموعة كل من محمد المسالمة ومؤيد حرفوش من درعا البلد مع ضمان قوات الفيلق الخامس انسحاب قوات الفرقة الرابعة من محيط المنطقة المحاصرة جنوب درعا البلد.
    وطالبت لجنة درعا البلد ووجهاء المدينة وعشائرها في بيان صدر الأربعاء محمد المسالمة ومؤيد حرفوش بالخروج فوراً من مدينة درعا البلد دون قيد أو شرط، وتحمليهما مسؤولية «كامل التداعيات، نتيجة تعنتهم والتسويف والمماطلة في تنفيذ رغبة أهالي درعا»، معلنين براءتهم من أعمالهم وسلوكهم.
    وقال عدنان المسالمة الممثل للجنة درعا البلد أمام الجانب الروسي في تصريح له على صفحته الشخصية: «كنا بصَدد اتفاق يجنبنا الحصار والحرب ويحفظ كرامتنا وأمننا يقتضي بدخول الفيلق مع الشرطة الروسية إلى محيط درعا وبهذا يتوقف القصف نهائيا ثم يتم فتح حاجز السرايا لدخول الناس والخروج منه، ويدخل بعدها مخفر الشرطة كما كان سابقا وننتهي من الحالة التي كنا فيها على أن يخرج شخصان متهمان من قبل النظام بأنهما يشكلان مجموعة غير منضبطة وبعد وساطة وجهاء عشائر لدى هذين الشخصين وأخذ موافقتهما على الرحيل الطوعي إلا أنهما رفضا الخروج بعد ذلك مما أدى إلى انهيار الاتفاق».
    بدوره، علق محمد المسالمة عبر تسجيلات صوتية اطلعت عليها «الشرق الأوسط» أنه يرفض الخروج لأن الاتفاق «بني على انسحاب قوات النظام السوري من مناطق درعا البلد الجنوبية النخلة والشياح والزمل، مقابل تهجيرهم من درعا البلد، في حين لم تخرج قوات النظام والفرقة الرابعة، وتستمر في حصار المدينة، ولا ضامن حقيقيا لانسحابها بعد تهجيرهما، كما أن الفرقة الرابعة أخلت بالاتفاق فعاودت إغلاق طريق السرايا بعد فتحه من قبل قوات الفيلق الخامس والشرطة الروسية، وأطلقت النار على الأهالي أثناء تجمعهم للعودة إلى المدينة، مؤكداً موقفه وقبوله للتهجير مع مجموعته، بعد انسحاب قوات النظام والفرقة الرابعة من المناطق المحددة».
  • انتقادات
    وتعرض محمد المسالمة للعديد من الانتقادات من مواقفه المتناقضة، بعد أن قبل بشرط التهجير الثلاثاء، والتوصل لحل سلمي في المدينة، بات يطالب بانسحاب الفرقة الرابعة من مناطق درعا البلد الجنوبية، وأنها شرط من شروط قبوله التهجير في حين أن الاتفاق كان ينص على انسحاب قوات الفرقة الرابعة بضمان الجانب الروسي والفيلق الخامس، وأنه يتلقى تعليمات لعرقلة الاتفاق واستمرار الأعمال العسكرية، وإفشال أي مساع للحلول السلمية في درعا البلد.
    ورد مؤيد الحرفوش على التهم الموجهة إليهما بعرقلة الاتفاق وانهياره بعد رفضهما الخروج، بأنه «لا جدية لدى الفرقة الرابعة بالانسحاب من أطراف درعا البلد، وأنهما يرفضان جميع التهم والانتقادات الموجهة إليهما، وأن اللجنة المركزية ووجهاء المنطقة أخلوا بالاتفاق بأن تهجيرهم مشروط ببدء انسحاب الفرقة الرابعة من بعض النقاط التي يتمركز بها في محيط درعا البلد، وأنهما يدافعان عن المدينة لعدم دخول الميليشيات الإيرانية والفرقة الرابعة إليها، وأن ذلك جاء دفاعاً عن الأرض والعرض، وأن من يقول كلمة الحق يتهم بأنه داعشي ويطالب بتهجيره، وأنهم يرفضون أي اتفاق لا يحفظ كرامة الأهالي».
    وأظهر شريط مصور بثه ناشطون في مدينة درعا، لحظة إطلاق النار من قبل قوات الحكومة السورية مساء الثلاثاء على أهالي درعا البلد أثناء تجمعهم عند معبر السرايا الفاصل بين درعا المحطة ودرعا البلد، بعد فتحه من قبل قوات الفيلق الخامس المدعوم من روسيا، وقتل نتيجة ذلك شاب من أبناء درعا البلد وأصيب آخرون جراء إطلاق نار عليهم من عناصر الحاجز.
  • تراجع
    وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الحكومة السورية أعادت إغلاق المعبر بعد إطلاق النار على الأهالي، وأوقفت الحافلة التي كانت تنقل المنشقين عن الجيش السوري من أبناء مدينة درعا البلد، وعددهم ثمانية وهم رافضون للتسوية وراغبون بعدم العودة لقطعهم العسكرية، وبقيت لمدة ساعتين في مدينة درعا المحطة برفقة قوات الفيلق الخامس المشرفة على عملية التهجير. وأوضح أن الحافلات تم توقيفها لأنه كان من المفترض أن تصل حافلة أخرى تنقل المطلوبين الاثنين (محمد المسالمة «هفو» ومؤيد حرفوش) مع الراغبين من أبناء المدينة بالتهجير، وبعد رفض المطلوبين الاثنين للتهجير لحين انسحاب قوات الحكومة من المناطق الجنوبية في درعا البلد، توقفت الحافلة التي كانت تقل المنشقين الثمانية، ثم أكملت طريقها إلى الشمال السوري برفقة قوات الفيلق الخامس والشرطة العسكرية الروسية، وأعلنوا صباح الأربعاء وصولهم إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب شمال سوريا».
    وكانت أطراف التفاوض في درعا توصلت يوم الثلاثاء لاتفاق يقضي بترحيل الراغبين وإنشاء نقطتين للشرطة الروسية والفيلق الخامس في مدينة درعا البلد عند منطقة البحار، وأخرى عند مدخل السرايا الفاصل بين مدينة درعا المحطة ودرعا البلد، وتأطير السلاح الموجود في مدينة درعا البلد مع بعض التشكيلات المحلية في درعا، وانسحاب قوات «الفرقة الرابعة» من المدينة وفك الحصار عنها، وإجراء تسويات جديدة للراغبين، ودخول الشرطة المدينة إلى مركزها في قسم المنشية بدرعا البلد، مع تفعيل مؤسسات الدولة في المدينة، وإنهاء الأعمال العسكرية في المدينة، بإشراف الشرطة الروسية و«الفيلق الخامس».
مشاركة المقال عبر