العالم والشرق الاوسط

العراق .. تحالف ثلاثي بين المالكي والعامري والعسكري بحثا عن موقع في حكومة محورها الصدريون

لا يخفي تبادل الاتهامات بين الفصائل والميليشيات بشأن وجود تلاعب في نتائج الانتخابات، التي جرت الأحد في العراق، حقيقة أن إيران هي الفائز، وذلك لسببيْن رئيسيين؛ الأول هو حصول حلفائها على مقاعد كافية للسيطرة على البرلمان، والثاني هو أن ذلك قد يمكنها لاحقا من إيجاد تحالفات توفّرُ لها فرصَ وضعِ اليد على الحكومة الجديدة.
يأتي هذا وسط تحركات واجتماعات مكثفة لبناء تحالف جديد بين رموز تقليدية حليفة لإيران من أجل البحث عن موقع في الحكومة الجديدة التي من المنتظر أن يسيطر عليها التيار الصدري بدعم من طهران، بحسب تقرير لصحيفة العرب.
وقالت أوساط سياسية عراقية إن ما يجري من تراشق بالتهم بين مكونات سياسية موالية لإيران راجع إلى أن مجموعات ووجوه بعينها خسرت في رهان الصعود إلى البرلمان وتحقيق منافع خاصة، لكن ذلك لا يخفي أن إيران قد نجحت في تنويع أعداد القوائم الموالية لها بالشكل الذي يتيح لها الآن بناء التحالفات البرلمانية والحكومية بسهولة، وهو ما من شأنه أن يحافظ على نفوذها الاستراتيجي في العراق.
وأضافت هذه الأوساط أن تراجع النتائج لدى بعض المكونات السياسية يفسر بضعف أدائها خلال السنوات الماضية، أو ببنائها تحالفات غير متناسقة وتغليب المصالح الشخصية لقادتها على حساب مصالح الحلفاء الآخرين.
وبعدما سجلت تراجعا كبيرا في الانتخابات التشريعية العراقية نددت قوى شيعية بارزة موالية لإيران بحصول “احتيال” و”تلاعب” بنتائج الانتخابات.
وسجل تحالف الفتح -الذي يمثّل الحشد الشعبي ويضم فصائل أخرى موالية لإيران- تراجعا كبيرا في البرلمان الجديد، بعدما كان القوة الثانية في البرلمان المنتهية ولايته.
لكن هذا التيار يبقى لاعبا لا يمكن الالتفاف عليه في المشهد السياسي العراقي؛ ففي بلد يطبع الانقسام السياسي الحاد المشهد فيه، لا تقتصر اللعبة على أروقة البرلمان، بل يكون للمجموعات المسلحة دور مؤثر في التوصل إلى تحالفات أو التراجع عنها، فضلا عن الأخذ في الاعتبار مصالح التحالف الذي يمتلك مجموعات حتى وإن كان تمثيله البرلماني محدودا جدا.
وأظهرت النتائج الأولية التي نشرتها المفوضية الانتخابية العليا حلول التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، في الطليعة بأكثر من 70 مقعدا في مجلس النواب المؤلف من 329 مقعدا.
وقال الإطار التنسيقي للقوى الشيعية، الذي يضم خصوصا تحالف الفتح وائتلاف رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، في بيان “نعلن طعننا في ما أعلن من نتائج وعدم قبولنا بها وسنتخذ جميع الإجراءات المتاحة لمنع التلاعب بأصوات الناخبين”.
وقال رئيس تحالف الفتح هادي العامري “لا نقبل بهذه النتائج المفبركة مهما كان الثمن وسندافع عن أصوات مرشحينا وناخبينا بكل قوة”.
وفي حال تأكدت النتائج الجديدة يكون التيار الصدري بذلك قد حقق تقدما ملحوظا عما حققه عام 2018، بعدما كان تحالف سائرون الذي يقوده هذا التيار في البرلمان المنتهية ولايته يحتل 54 مقعدا. ويرى التيار أن نتائجه القوية من شأنها أن تجعل منه القوة الأكبر في البرلمان.
ولا شك أن نتائج التيار الصدري ستمنحه الأولوية في اقتراح اسم رئيس الحكومة، والحصول على نسبة هامة من الحقائب خاصة الوزارات الوازنة مثل الداخلية والمالية والنفط، وهو مدعوم من إيران التي تراهن على تجديد آليات سيطرتها على العراق بالرهان على التيار الذي يقدم نفسه تيارا وطنيا عراقيا وينأى بنفسه عن الفساد.
بالتوازي مع ذلك يعمل المنهزمون من الوجوه التقليدية الحليفة لإيران على بناء تحالف جديد يجمع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وهادي العامري وقيس الخزعلي (أمين عصائب أهل الحق)، ضمن سباق محموم لكسب ثقة إيران والحصول على دعمها في توزيع الحقائب في الحكومة المرتقبة.
وأعلن أبوعلي العسكري المتحدث باسم كتائب حزب الله -أحد فصائل الحشد الشعبي الأكثر نفوذا- في بيان الاثنين أن “ما حصل في الانتخابات يمثل أكبر عملية احتيال والتفاف على الشعب العراقي في التاريخ الحديث”.
وأضاف “الإخوة في الحشد الشعبي هم المستهدفون الأساسيون، وقد دُفع عربون ذبحهم إلى من يريد مقاعد في مجلس النواب وعليهم أن يحزموا أمرهم وأن يستعدوا للدفاع عن كيانهم المقدس”.
ويرى خبراء أن تشرذم مقاعد البرلمان سيؤدي إلى غياب غالبية واضحة، الأمر الذي سيرغم الكتل على التفاوض بشأن عقد تحالفات من أجل تسمية رئيس جديد للوزراء.
وتمكّن تحالف دولة القانون برئاسة المالكي من تحقيق خرق في الانتخابات، حيث أشار مسؤول في الحركة إلى حصوله “على 37 مقعدا في البرلمان”.
وأكد حزب تقدم بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي حصوله “على أكثر من 40 مقعدا”. وحققت حركة امتداد -وهي حركة سياسية جديدة تقول إنها منبثقة عن الحركة الاحتجاجية- خرقا في البرلمان مع حصولها على عشرة مقاعد، لاسيما في المحافظات الجنوبية.
وردا على سؤال حول اتهامات الموالين لإيران بالتزوير، أشارت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة العملية الانتخابية فايولا فون كرامون إلى أنه “يمكن الطعن في النتائج، لكن ما لاحظناه من الناحية التقنية هو أن العملية كانت هادئة ومنظمة، لم تكن هناك شوائب على الصعيد التقني في غالبية مراكز الاقتراع التي تمت مراقبتها خلال يوم الانتخابات”.
وأضافت “من وجهة نظرنا كانت العملية منظمة ومدارة بشكل جيد، تقنيًّا كانت على ما يرام، ولا سبب لإطلاق تهم” تدّعي حصول تزوير.
وشهدت هذه الانتخابات -وهي الخامسة منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 بعد الغزو الأميركي- نسبة مقاطعة غير مسبوقة. وبلغت نسبة المشاركة الرسمية 41 في المئة، وهي نسبة غير مفاجئة في بلد ترفض فيه غالبية الرأي العام النظام السياسي؛ إذ رغم الثروات النفطية الهائلة التي يتمتع بها العراق يقبع ثلث السكان في دائرة الفقر، بينما يستشري الفساد في كل مفاصل الدولة، والخدمات العامة متدهورة والإمدادات الكهربائية غير متوفرة والقطاع الصحي يشكو من عدة نقائص.
ورأت فون كرامون في تقريرها النهائي خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء أن “غياب الناخبين رسالة واضحة للطبقة السياسية”.

مشاركة المقال عبر