شمال وشرق سوريا

ما هدف تركيا من إدخال هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشـ.ـام إلى مدينة عفرين…!؟

تستمر القراءات المختلفة بخصوص الاقتتال بين الفصائل المسلحة الموالية لتركيا في المناطق الخاضعة لنفوذ القوات التركية في الشمال السوري والتي أفضت مؤخراً إلى سيطرة عناصر هيئة تحرير الشام (جبهة النصر سابقاً) على مدينة عفرين ومحيطها. أكد عليها مراقبون أن الدولة التركية عبر استخباراتها تقف وراء سيطرة الهيئة على المدينة وربطت ذلك بأهداف عديدة أبرزها التمهيد للتقارب مع دمشق، وفي سيناريو أعتبره مراقبون بأنه استكمالاً لفكرة المنطقة الآمنة التي طرحتها تركيا وتغيير ديمغرافية المناطق الواقعة تحت نفوذها.

ما يجري من تغيير في خارطة السيطرة في الشمال السوري، إنما يتم تحت أنظار القوات التركية الموجودة في المنطقة في مسعى لمساندة حلفائها في إطار التمهيد للمفاوضات المزمعة بين حكومتي دمشق وأنقرة والتي من المتوقع أن تنتج عن تسليم إدلب لحكومة دمشق وروسيا ويلزم ذلك نقل عناصر هيئة تحرير الشام إلى عفرين ومناطق جرابلس واعزاز ، بعد أن قامت الهيئة منذ فترة بفتح الطرق باتجاه المعابر التجارية مع قوات الحكومة السورية.

ويشير محللون للوضع، أنه دون موافقة تركية أو غض نظر تركيا على الأقل لا يمكن لأي فصيل من الفصائل المتواجدة على رقعة الشمال السوري أن يتحرك، ببساطة لو غضبت منه تركيا وأغلقت حدودها فقط في وجهه لمات هذا الفصيل، كل الفصائل الموجودة في الشمال السوري تتنفس وتعيش وتتمول من خلال الحدود التركية بمعنى أن لتركيا شروط على كل هذه الفصائل التي ما هي إلا بيادق على رقعة الشطرنج التركية،

دفعت تركيا هيئة تحرير الشام إلى المنطقة لأسباب وأهداف عديدة، يراها مراقبون أن تحرير الشام قادرة على تلبية المصالح التركية في الشمال السوري خلال المرحلة القادمة، بشكل أكبر من الفصائل المتناحرة”، لافتاً إلى أن صمت “الحكومة المؤقتة” و”الائتلاف المعارض” حول ما يجري، “يشي برغبة تركية واضحة في ما يحصل، فالمخططات التركية بحاجة إلى ذراع قوية أمنياً وعسكرياً لتنفيذها، وهو ما يتوفر في الهيئة، اعتبره مراقبون أيضاُ بأنه تأديب الجماعات الأخرى كفصيل الجبهة الشامية، التي قالت لا للاستدارة التركية نحو الحكومة السورية وقامت ببعض المظاهرات والاحتجاجات على الموقف التركي الجديد الذي يدعو إلى التفاوض مع دمشق، وبسبب عدم إطاعته الأوامر التركية بشكل أعمى، ومحاولاتها سابقاً الاحتفاظ بقدر من الاستقلالية، حيث لدى “الجولاني” و”سيف أبو بكر” قائد فصيل “فرقة الحمزة”، و”محمد الجاسم/ أبو عمشة”، قائد فصيل “فرقة السلطان سليمان شاه”، خطة واضحة تستهدف تفكيك “الفيلق/ الجبهة الشامية” بشكل كامل ، وسبق هذه الإجراءات عقد تركيا اجتماعاً مع تحرير الشام وفصائل مرتزقة أخرى تم فيها اتخاذ القرار بحل فصيل الجبهة الشامية بشكل كامل، والسيطرة على جميع نقاطها.

الهدف التركي الآخر هو لتعزيز موقف المجموعات التركمانية ضمن قوام الجيش الوطني وتحديداً العمشات والحمزات ومجموعات أخرى، وبالنهاية تركيا تريد أن تستوطن وتستقر هذه الفصائل والمستوطنين التركمان في هذه المنطقة، فيما تسعى هيئة تحرير الشام للحصول على حصة من عائدات المعابر، وتقديم نفسها بوصفها القوة الوحيدة المنضبِطة في الشمال السوري والقادرة على تقديم خدماتها لكل الأطراف، بما فيها تركيا والحكومة السورية، وهي تريد تقديم أوراق اعتمادها لديهما من أجل تسليمها المنطقة، بعد إلحاق الفصائل التركمانية ومجموعات السنة المرتبطة بالإخوان المسلمين مثل “فيلق الشام” و”أحرار الشام”، تحت ذريعة “الاندماج أو وحدة الصف”.

هدف تركيا المستتر هو إنشاء إقليم تركماني ضمن مناطق “الميثاق المللي” المزعومة، وضمه لها. ويمتد مشروعها في المرحلة الحالية من جبل التركمان وحتى راس العين، وتستخدم فيها “النصرة” لتأديب وتصفية الفصائل العربية السنية، وكذلك محاربة (قسد) ومحاولة السيطرة على المناطق الكوردية الأخرى مثل كوباني. ومن ثم تخطط للسيطرة على المنطقة الممتدة من “الدرباسية” حتى “ديرك”، مروراً بـ”شنكال” و”الموصل” و”كركوك”، وصولاً لـ”السليمانية”، وذلك بمساعدة أطراف كوردية وعراقية، حتى يكتمل تنفيذ مشروع “الميثاق الملّي”.

ومع دخول عناصر هيئة تحرير الشام مدينة عفرين، بدأت عناصرها في القيام بممارسة الانتهاكات بحق المدنيين الكُورد من عمليات اعتقالٍ وفرض قوانين لا تختلف عن قوانين تنظيم داعش.

مصادر محلية أكدت أن عناصر هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الموالية لتركيا زادوا من جرائمهم وانتهاكاتهم بحق المدنيين، وذلك ضمن إطار المخطط التركي الهادف إلى إجراء واستكمال التغيير الديمغرافي في مدينة عفرين وتهجير من تبقى من سكانها الكُورد الأصليين والضغط عليهم سواء عبر ارتكاب جرائم القتل أو الاختطاف.

وأشارت المصادر أن عمليات الاعتقال طالت عشرات المدنيين في ناحية جنديرس ومركز مدينة عفرين، حيث تم اقتياد المعتقلين إلى سجون الهيئة في مدينة ادلب وسط مخاوف كبيرة على حياتهم.

ومن الواضح أن إعطاء تركيا هذه المهمة لتحرير الشام جاء في محاولة منها التملص من الجرائم والانتهاكات بحق الكورد، نظرًا لأنها تعتبر دولة احتلال وفق القوانين الدولية وهي تتحمل مسؤولية ما يجري على يد الفصائل التي تدعمها، ولذلك تحاول وضع المنطقة تحت سيطرة الهيئة التي صنفتها تركيا نفسها بأنها إرهابية، وبذلك تريد خداع المجتمع الدولي بأن يرتكب الانتهاكات وأن من أجرى التغيير الديموغرافي هو فصيل على لائحة الإرهاب لديها أيضاً.

في مرحلة لاحقة؛ سيجعل أردوغان من “الجولاني” وتنظيمه كبش الفداء، بعد أن ينفذ المهام الموكلة له على أحسن وجه؛ لأن هدف تركيا في النهاية هو فقط التركمان والشريط الحدودي كإقليم لهم وتحت الحماية التركية وستشن الفصائل التركمانية التابعة للمافيا والاستخبارات التركية، وبمساعدة القوات التركي هجوماً على الهيئة وتفكّكها، لتسوق تركيا للعالم كذبة بأن “التركمان” حاربوا الإرهاب “القاعدة” ويستحقون الدعم الدولي مثل (قسد).

مشاركة المقال عبر