الأخبار العالم والشرق الاوسط تركيا شمال وشرق سوريا

دلالات زيارة رئيس هيئة الأركان الأمريكية «مارك ميلي» إلى شمال شرق سوريا

يبدو أنَّ زيارات المسؤولين الأمريكيين لمنطقة الشرق الأوسط عادت إلى الواجهة السياسية والإعلامية ثانيةً، بعدما غطت عليها الصراع «الروسي – الأوكراني» حيث ستظهر تبعات هذه الزيارات لاحقًا ضمن سياق المخططات الإستراتيجية في المنطقة.

ومن الواضح أن الزيارة التي قام بها رئيس هيئة الأركان الأمريكية «مارك ميلي»، السبت الفائت، إلى إحدى القواعد الأمريكية في شمال وشرق سوريا حملت معها العديد من التكهنات والاستفسارات، إضافةً إلى ظهور ردود فعل غاضبة من قبل روسيا وإيران عبر حليفتهما سوريا، إلى جانب غضب أنقرة.

الزيارة أثارت سخط «روسيا وإيران» من خلال حليفتهما سوريا عبر وزارة الخارجية والمغتربين التي أدانت بشدّة على أنها انتهاكًا صارخًا لسيادة الأراضي السورية.

كما أنَّ الزيارة أثارت حفيظة وغضب تركيا أيضًا، حيث استدعت وزارة الخارجية التركية، سفير واشنطن لدى أنقرة جيف فليك، وطلبت توضيحًا حول زيارة رئيس الأركان الأمريكية مارك ميلي إلى شمال شرق سوريا.

فما هي أسباب الزيارة المفاجئة ولماذا أثارت كل هذا السخط والغضب لدى روسيا وإيران والحكومة السورية وتركيا…؟!

يُعتبر «مارك ميلي» الشخصية الثانية في البنتاغون، والثاني بعد الرئيس الأمريكي جو بايدن في البعد العسكري، لذلك فإن زيارة مسؤول عسكري رفيع من الدرجة الأولى حمل دلالات ورسائل إلى أطراف عديدة وأسقطت التكهنات بأنها زيارة روتينية عسكرية لتفقد حالة الجنود الأمريكيين في المنطقة.

زيارة «ميلي» جاءت في وقتٍ يجري فيها وزير الدفاع الأمريكي جولةً في المنطقة، كما أنها تزامنت مع تصريح مسؤول وزارة الخارجية عن شمال وشرق سوريا في أربيل والذي حدّد أهداف الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا بأربع نقاط ذات أبعاد استراتيجية وهي:

أولاً: الصراع على أوكرانيا على أنه صراع يشمل كل الجغرافيات التي تتواجد فيها روسيا

ثانيًا: الخطر الإيراني النووي.

ثالثًا: مسيرة التطبيع العربي مع الرئيس السوري
وخاصة للمنحى الذي يساق من قبل روسيا وإيران المعادي للوجود الأمريكي في المنطقة، وبشكلٍ خاص في شمال شرقي سوريا والتي تعتبر حاجز إستراتيجي ما بين المد الإيراني وإسرائيل.

رابعًا: الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا حيث من المحتمل أن تكون الزيارة مؤشرًا على أن الولايات المتحدة الأميركية ستزيد من قواتها وقواعدها في هذه المنطقة، وسترفع سوية العلاقة مع الإدارة الذاتية إلى المستوى الإستراتيجي، خاصةً من خلال الدور الواسع التي لعبته قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية «داعـش»، كما أن الرسالة معنونة لتركيا أيضًا المتجهة وتحت الرغبة الروسية إلى التطبيع مع الرئيس السوري «بشار الأسد» والابتعاد عن الناتو، والتي ستزيد من احتمالية تصعيد الاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وهو ما قد يؤدي إلى رفع مكانتهم العسكرية والسياسية في المنطقة، خاصة بعدما قلت ثقة الولايات المتحدة الأميركية والناتو بتركيا.

وبعد الزيارة التي أجراها «مارك ميلي» إلى شمال وشرق سوريا، بات واضحًا أن المشروع التركي عبر اللوبي المرتبط بها في واشنطن فشل مجددًا من خلال تمرير قرار إلى الكونغرس يطالب فيه بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

ورفض مجلس النواب الأمريكي بأغلبية التصويت، قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا، الذي قدمه النائب الجمهوري مات غويتز.

ودعمًا للوثيقة التي دعت الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى سحب الجيش الأمريكي من سوريا، صوّت 103 مشرعين فقط لصالحها، فيما صوّت 321 ضدها.

وقال ميلي للصحفيين المسافرين معه إنه يعتقد أن القوات الأميركية وشركاءهم في قوات سوريا الديمقراطية يحرزون تقدمًا في ضمان هزيمة دائمة لتنظيم الدولة، مؤكدًا على ضرورة بقاء القوات الأمريكية في المنطقة لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن مهمة سوريا تستحق المخاطرة، فإن ميلي ربطها بأمن الولايات المتحدة وحلفائها، قائلا “إذا كنت تعتقد أن هذا مهم، فإن الإجابة هي “نعم”.

ولعبت قوات سوريا الديمقراطية، الحليف الأساسي للتحالف الذي تقوده أميركا ضد تنظيم داعش، دورًا رئيسيًا في هزيمة التنظيم المتشدد في سوريا، لكن الدعم الأميركي للجماعة تسبب في حالة من التوتر مع تركيا لسنوات.

ونجحت القوات الأميركية بالتعاون مع قسد في تصفية أو اعتقال قادة في عمليات عدة، قتل في أبرزها زعيما تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي في أكتوبر/تشرين الأول 2019، ثم أبو إبراهيم القرشي في فبراير/شباط الماضي في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في محافظة إدلب، شمال غرب سوريا.

ومُني تنظيم الدولة -الذي سيطر عام 2014 على مناطق واسعة من سوريا والعراق- بهزيمة أولى في العراق عام 2017، ثم سوريا عام 2019، وخسر كامل مناطق سيطرته الأساسية. إلا أن عناصره المتوارين لا يزالون يشنون هجمات وإن كانت محدودة في البلدين، خاصة ضد القوى الأمنية، كما يتبنى التنظيم هجمات في دول أخرى.

مشاركة المقال عبر