الأخبار تركيا

الانتخابات لن تجرى «بنزاهة» وأردوغان لن يتنازل عن السلطة

من الصعب التخلص من أردوغان في تركيا حتى لو حدث ما لا يمكن تصوره وخسر الرئيس التركي الانتخابات، فلن يتنازل عن السلطة لأن الانتخابات لن تجرى “بنزاهة” ولأن أردوغان لا يتمتع بأي “شهامة”.

استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر أن مرشح المعارضة التركية يتقدم على الرئيس الحالي بأكثر من 10 نقاط مئوية، مع اقتراب موعد الانتخابات بأسابيع قليلة إذا تمت الانتخابات بنزاهة، سيتجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى هزيمة انتخابية. ولكن لنكن صريحين، لن تلتزم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا في مايو بقواعد النزاهة، ولا ينبغي التعامل معها على هذا النحو.

لفت تقرير لبوليتيكو، أن زلزالا مدمرا سابقا كان وراء فشل رئيس الوزراء السابق، بولنت أجاويد، وهو ما عجل ببلوغ إردوغان لسدة الحكم. لذلك، تأمل المعارضة الآن أن يكون زلزال السادس من الشهر الماضي سببا آخر لإنهاء حكم إردوغان.

علاوة على ذلك، يشتكي الأتراك من فشل السياسة الاقتصادية لإردوغان، حيث ساهمت “سياسته الغريبة” وفق وصف “بوليتيكو” في خفض أسعار الفائدة في ارتفاع نسب التضخم.

واهتزت تركيا بسبب التضخم الذي بلغ مستويات قياسية منذ 24 عاما في الخريف الماضي، عندما بلغ 85 في المئة، قبل أن يتراجع الآن إلى 55 بالمئة “فقط”. وبسبب الرياح الاقتصادية المعاكسة وسياسة إردوغان، فقدت العملة التركية 60٪ من قيمتها مقابل الدولار منذ أوائل عام 2021. وسجلت تركيا بالموازاة مع ذلك، عجزا تجاريا قياسيا بلغ 38٪، بينما دفع ضغط تكلفة المعيشة إلى تقلص الطبقة المتوسطة وأغرق الفقراء في يأس أعمق.

تعليقا على هذا المشهد تساءل التقرير.. كيف يمكن أن ينتصر إردوغان في الانتخابات المقبلة إذا؟ يقول التقرير “أولاً وقبل كل شيء، يتمتع الزعيم التركي بمزايا هائلة بصفته في منصب الرئيس وبشكل خاص شخص متنمر وعديم الضمير في ذلك. لا يُظهر أردوغان شهامة، وقد شدد بإصرار قبضته على تركيا”.

خلال عقدين من حكمه، أعاد أردوغان تشكيل تركيا من خلال الأسلمة الزاحفة وإضعاف النظام البرلماني، وتحويله إلى نظام رئاسي يرقى إلى حكم الرجل الواحد. قام “سلطان تركيا الحديث” بتطهير المحاكم، ووكالات إنفاذ القانون، والخدمة المدنية، ووكالات الاستخبارات، وكادر الضباط في القوات المسلحة، ووسائل الإعلام، وقام بتكديسهم مع الموالين.

كما استغل الرئيس التركي استفادة كبيرة من الانقلاب العسكري الفاشل لتسريع تشكيل “نظام أردوغان”. قال: “سوف يدفعون ثمناً باهظاً.. هذه الانتفاضة هبة من الله لنا”.

قال سنان سيدي، الأستاذ المشارك لدراسات الأمن القومي ومؤلف كتاب “الكمالية في السياسة التركية”، في ورقة أنجزها لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن إردوغان “قد يفوز حتى دون تزوير الأصوات” وبرر ذلك بالقول “قد لا يكون حشو صناديق الاقتراع ضروريا، إذ لا يزال النظام الذي أنشأه يحقق الفوز الذي يحتاج إليه” مرجحا أن تكون وسائل الإعلام في طليعة جهود النظام لضمان النصر.

قبضة أردوغان على مساحات كبيرة من وسائل الإعلام التركية مخيفة. خلص تحقيق أجرته رويترز إلى أن “أكبر العلامات التجارية الإعلامية تخضع لسيطرة شركات وأشخاص مقربين من أردوغان وحزبه، بعد سلسلة من عمليات الاستحواذ التي بدأت في عام 2008”.

يتم تنسيق الرقابة التحريرية الهرمية الصارمة من الأعلى مباشرةً، مع فخرالدين ألتون، رئيس مديرية الاتصالات الحكومية، الذي يشرف على التعليمات المرسلة إلى غرف الأخبار. إذن، هل يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تساعد في كسر خناق أردوغان على وسائل الإعلام؟ بالطبع لا، بذلت الحكومة أيضًا جهودًا كبيرة للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي والرقابة عليها، حيث أقر البرلمان تشريعات أكثر تقييدًا “لا يمكن تصورها في أي ديمقراطية – أو حتى في تركيا قبل بضع سنوات”، كما أشارت أسلي أيدينتاشباش، زميل زائر في معهد بروكينغز. “إذا شعر أردوغان بالهزيمة، فلا ينبغي لأحد أن يتوقع منه الرحيل بهدوء”، حسب تقدير سيدي. إذا بدت الهزيمة وشيكة، فقد يقلب القضاة ومسؤولو الانتخابات الموالون لأردوغان النتائج، كما حاولوا ذلك بإلغاء نتائج انتخابات رئاسة بلدية اسطنبول في عام 2019. أو قد يعتمد حتى على الشرطة والقوات المسلحة. في الواقع، لن يتخلى أردوغان عن السلطة حتى لو خسر الانتخابات.

مشاركة المقال عبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *