الأخبار سوريا

لماذا استبعد عـ ـلي ممـ ـلوك من أعلى هرم أمـ ـنـ ـي لدى الحكومة السورية؟

أجرى بشـ ـار الأسـ ـد، تغييرات في أعلى الهـ ـرم الأمـ ـنـ ـي لدى الحكومة السورية، حيث أزاح اللواء عـ ـلي ممـ ـلوك الذي كان يشغل منصب رئيس مكتب الأمـ ـن القـ ـومـ ـي المتـ ـحكـ ـم بكافة الأجـ ـهـ ـزة الأمـ ـنـ ـية وعيّن عوضاً عنه اللواء كـ ـفاح ملـ ـحم، وذلك بعد أن تـ ـو.ر.ط ممـ ـلوك في العديد من الاغـ ـتيـ ـالات التي اسـ ـتهـ ـدفـ ـت ضـ ـباط وقيـ ـادات إيرانية وعلى رأسهم قـ ـاسـ ـم سلـ ـيمـ ـاني وسـ ـيد رضـ ـى المـ ـوسـ ـوي.

أجرى بشار الأسد، الأسبوع الفائت، تغييرات في أعلى الهرم الأمني لدى الحكومة السورية، عبر تعيين، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية لدى الحكومة السورية كفاح ملحم رئيساً لمكتب الأمن القومي لدى الحكومة خلفاً لـ علي مملوك الذي تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن الوطني، كما تولى كمال حسن إدارة الاستخبارات العسكرية خلفاً لملحم.

وولد اللواء علي مملوك في مدينة دمشق عام 1949، لأسرة مهاجرة من لواء أسكندرون، وله باع طويل في تأسيس الأجهزة الأمنية في الحكومة السورية، حيث شارك اللواء محمد الخولي في جهاز المخابرات الجوية، وأوكلت إليه مهمة رئاسة فرع التحقيق في المخابرات الجوية، وتدرج في مناصبها حتى تسلم إدارتها ما بين عامي 2003-2005، واعتبر حتى وقت قريب “الصندوق الأسود” لأسرار الحكومة السورية.

وفي السياق، أكدت مصادر استخباراتية، أن إزاحة مملوك من أعلى سلطة أمنية في سوريا، يأتي نظراً لدوره ومشاركته في استهداف ضباط وقيادات إيرانية رفيعة في سوريا والمنطقة، وفي مقدمتهم قاسم سليماني الذي تولى قيادة فيلق القدس لدى الحرس الثوري الإيراني من عام 1998 وحتى مقتله مطلع عام 2020 بغارة أمريكية في العراق، حيث يعتبر فيلق القدس المسؤول عن العمليات العسكرية والسرية الإيرانية خارج حدود إيران. وكذلك دوره في اغتيال سيد رضى موسوي في حي السيدة زينب بريف دمشق في الخامس والعشرين من كانون الأول العام الفائت بغارة إسرائيلية.

والمعروف أن سيد رضى موسوي أحد أقارب قاسم سليماني والشخصية الإيرانية الأكثر نفوذاً في سوريا، حيث خدم في سوريا ضمن فيلق القدس منذ ثمانينيات القرن العشرين، وفي عام 1990 تولى منصب رئيس القسم اللوجستي الإيراني في سوريا، المعروف باسم الوحدة 2250. وكان موسوي أحد أكثر الشخصيات الإيرانية خبرة في سوريا وكان بشار الأسد وعدد قليل من قيادات الحكومة السورية على دراية بأنشطة موسوي في سوريا من بينهم علي مملوك.

وأوضحت المصادر، أنه بسبب تزايد استهداف أمريكا وإسرائيل للقيادات الإيرانية في المنطقة بناء على المعلومات التي كان علي مملوك يوفرها لهم من خلال أجهزة استخبارات دول مجاورة، فأن إيران التي تعتبر أكبر داعم للحكومة السورية تدخلت من أجل إزاحته عن المشهد الأمني، واستبداله بشخصية جديدة أكثر ولاءً للحكومة وإيران على حد سواء.

وتعيين علي مملوك في موقع مستشار لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن الوطني، ما هو إلا إبعاد له عن الحالة الفاعلة إلى صفة شكلية كونه كان يتحكم بالأمن القومي المسؤول عن بقية الفروع الأمنية لدى الحكومة السورية.

والمعروف عن علي مملوك بأن له علاقات مع استخبارات العديد من الدول في المنطقة سواء كانت عربية أو أوروبية، حيث كان على علاقات قوية مع هاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية الأسبق وكان له دور فعال في اجتماعات آستانة والسماح للصفقات التركية بأن تتم حتى وإن كانت تتعارض مع المصلحة السورية.

فالمعروف أن مملوك كان عراباً للتطبيع بين النظام في تركيا والحكومة السورية وكانت علاقاته الأمنية متواصلة مع تركيا رغم الدور التركي السلبي في الأزمة السورية وتقديمها الدعم لشتى الفصائل التي كانت تقاتل الحكومة السورية، والتقى مملوك مرات كثيرة بهاكان فيدان في سوريا والعراق وروسيا، وعقد صفقات سرية كانت لصالح تركيا.

ولذلك يرى مراقبون للأوضاع بأن إزاحة مملوك من أعلى الهرم الأمني سيكون له تداعيات كبيرة على العلاقات بين أنقرة ودمشق، حيث ستتأثر العلاقات بشكل سلبي وربما تذهب إلى أبعد من ذلك وستلقي بظلالها على عموم المنطقة كون مملوك كان يمتلك تواصلاً سرياً مع العديد من أجهزة الاستخبارات في الدول المحيطة وبالتالي فقدت تلك الدول مصدر معلوماتها الأساس في سوريا، ولذلك يرى مراقبون بأن إسرائيل سوف تحاول تكثيف قصفها لسوريا مستهدفة قيادات إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله وللجهاد الإسلامي قبل أن تبدأ تلك الأطراف بتغيير إحداثياتها بعد استبدال مملوك.

واليوم شنت إسرائيل هجوماً على منطقة مزة في دمشق والمعروف عنه بأنه حي أمني، استهدفت فيه مجدداً قيادات إيرانية، حيث أعلنت إيران اغتيال اللواء يوسف أميد زاده مسـؤول الاستخبارات في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني رفقة المستشارين الإيرانيين حجة الله أميدار وعلي آغازاده وحسين محمدي وسعيد كريمي، في غارة إسرائيلية استهدفت مبنى يتواجدون فيه أثناء عقدهم اجتماعاً أمنياً.

ولـ علي مملوك سجل إجرامي، فالمعروف أن مملوك عندما كان برتبة مقدم أوكلت إليه مهمة الإشراف على البرنامج الكيمائي لدى الحكومة السورية، كما كان أحد الضباط المشرفين على تجارب الأسلحة الكيميائية خلال الفترة 1985-1995، وعلى استخدامها ضد معتقلين سياسيين بسجن تدمر في “الوحدة 417” التابعة للمخابرات الجوية والواقعة بالقرب من استراحة “الصفا” في منطقة أبو الشامات بالبادية السورية، حيث تم تجريب الأسلحة الكيمائية على المعتقلين، ومن ثم محو آثار الجريمة في المنطقة عبر قصفها بالطيران الحربي.

وفي عام 2005 تولى مملوك رئاسة جهاز المخابرات العامة “أمن الدولة”، وعمل على تزويدها بأساليب جديدة للمراقبة وقمع الحريات العامة في سوريا، وأصبح منذ ذلك الحين الواجهة المخابراتية للحكومة السورية، حيث أوكلت إليه مهمة التنسيق مع أجهزة الاستخبارات العالمية بما فيها الأمريكية والأوربية والتركية والإيرانية وبعض الأجهزة العربية، مما أتاح له مجال الإمساك بعدد كبير من ملفات الحكومة خلال الفترة 2011-2018.

وإثر اندلاع الاحتجاجات في سوريا في آذار 2011؛ تولى مملوك مهمة قمع المظاهرات نظراً لما يملكه من باع طويل في تقنيات القمع، كما أنيطت إليه مسؤولية غرفة العمليات بإدارة المخابرات العامة، حيث تم تخصيص مقر لاجتماع خلية الأزمة كل يوم جمعة، وهو اليوم الذي كانت تنطلق فيه المظاهرات.

ونظراً لسجله القمعي؛ فقد وضعت الولايات المتحدة علي مملوك ضمن قائمة العقوبات في نيسان 2012.

وفي أعقاب عملية اغتيال خلية الأزمة في سوريا تم تعيين اللواء علي مملوك على رأس مكتب الأمن القومي خلفاً لهشام بختيار والذي قُتل “متأثر بجراحه” في (تموز 2012)، حيث أشرف مملوك، ومن مكتب الأمن القومي، على عمل كافة أجهزة المخابرات، وزودها بتوجيهات عامة فيما يتعلق بعمليات القمع والانتهاكات والمجازر التي ارتكبت بحق السوريين في المعتقلات وأقبية التعذيب.

ويعتبر علي مملوك المسؤول المباشر عن ارتكاب الانتهاكات التالية:

الجرائم التي ارتكبها عناصر إدارة المخابرات العامة في الفترة الممتدة ما بين بداية الثورة السورية عام 2011 وحتى شهر تموز من عام 2012.

الجرائم التي ارتكبتها أجهزة المخابرات السورية الرئيسية الأربعة: إدارة المخابرات العامة، وإدارة المخابرات الجوية، وشعبة المخابرات العسكرية، وشعبة الأمن السياسي.

ومملوك متهم أيضاً بتزويد الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة بمتفجرات وأموال من أجل تنفيذ مجموعة من التفجيرات والاغتيالات في لبنان، وقد تم الإلقاء القبض على ميشال سماحة الذي اعترف بدور علي مملوك في التخطيط لتلك الهجمات.

وبناء على هذا السجل فقد تم إدراج اللواء علي مملوك في قوائم العقوبات البريطانية والأوربية والكندية، والتي حملته المسؤولية المشتركة عن الجرائم التي تم ارتكابها بحق الشعب السوري.

الصورة: علي مملوك وكفاح ملحم وكمال حسن

مشاركة المقال عبر