آراء وتحليلات العالم والشرق الاوسط

هل يعود أردوغان من قمة بايدن والناتو خالي الوفاض

تبدو الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة أكبر بكثير من أن تعالج خلال لقاء القمة المرتقب اليوم الاثنين بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأميركي جو بايدن رغم فسحة الأمل التي تبديها أنقرة، فيما سيكون اللقاء أقل تشنجا لكن النتائج غير مضمونة وقد لا ترقى إلى مستوى ما يتطلع له الأتراك.

وترخي ملفات حقوق الإنسان والتدخلات التركية الخارجية وشراء أنقرة منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية اس 400 بظلال ثقيلة على اللقاء المرتقب بين الزعيمين فيما يسود خلاف شخصي بينهما، فالرئيس الأميركي سبق أن نعت نظيره التركي بـ”المستبد” ووعد خلال حملته الانتخابية التي أوصلته لرئاسة الولايات المتحدة بالحزم في مواجهة سلوكه العدواني، بينما هاجم أردوغان قبل فترة قصيرة بايدن وقال إن يديه ملطختان بدماء الفلسطينيين على خلفية الموقف الأميركي من العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والذي استمر 11 يوما وخلف عشرات القتلى من الفلسطينيين.

وعلى ضوء هذه التراكمات من المستبعد أن يكون اللقاء وديا رغم أن الرئيس الأميركي لا يحبذ الصدام مع تركيا ولكنه في الوقت ذاته لن يرخي لها الحبل بينما ينتقد حلفاؤه الأوروبيون سلوكها وانتهاكاتها في سوريا وليبيا وشرق المتوسط وجنوب القوقاز.

كذلك سيعد أي تنازل من بايدن ضعفا بينما يواجه ضغوطا من الجمهوريين ومن شخصيات ديمقراطية نافذة تطالبه بحزم أشدّ للجم الانتهاكات التركية المتناثرة.

وتؤكد واشنطن أن تركيا حليف مهم، لكن الأخيرة أثارت انقسامات في حلف الناتو في الوقت الذي يسعى فيه بايدن لراب الصدع الذي سببه سلفه دونالد ترامب بين ضفتي الأطلسي.   

ويبحث الرئيسان أساسا قضية شراء أنقرة منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية اس-400 خلال محادثات مباشرة هي الأولى بينهما منذ تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة في يناير الماضي، غير أنه لا توجد آمال تُذكر في حل النزاع الذي يثير الانقسام في حلف شمال الأطلسي.

وكان موقف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في ما يتعلق بهذه القضية الخلافية اقل حدّة إلا أنه اضطر في النهاية لفرض عقوبات على قطاع الصناعات الدفاعية التركية قبل مغادرته البيت الأبيض.

وكان قد حمّل سلفه الديمقراطي باراك أوباما وكان الرئيس الحالي جو بايدن نائبه حينها، المسؤولية عن التقارب التركي الروسي، مشيرا إلى أنه رفض بيع أنقرة منظومة الصواريخ الدفاعية الأميركية ‘باتريوت’.

وسممت الصفقة العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، في حين لا يوجد في الأفق حلّ وسط لإنهاء الأزمة المتعلقة بالصواريخ الدفاعية الروسية التي ترفضها واشنطن وشركاؤها الأوروبيون في حلف الناتو.

وكان أردوغان ذاته قد أعلن أن بلاده لن تتخلى عن صواريخ اس 400 الروسية، وهو عالق الآن في استرضاء الحليف الأميركي وعدم إغضاب الشريك الروسي.

ولتركيا ثاني أكبر جيش في حلف الأطلسي بعد الولايات المتحدة، لكن خلافات بخصوص سوريا وحقوق الإنسان ومعاملة الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية والتوتر في شرق البحر المتوسط، تسببت جميعا في توتر العلاقات بين البلدين.

ومنذ أن تولى بايدن منصبه في يناير الماضي، اعترف بأن مذبحة الأرمن عام 1915 تمثل إبادة جماعية، وصعّد من انتقاداته لسجل حقوق الإنسان في تركيا متبعا نهجا أكثر فتورا تجاه أردوغان مقارنة بسلفه دونالد ترامب.

وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان إن الزعيمين اللذان يحضران قمة لحلف الأطلسي في بروكسل، سيتطرقان أيضا إلى قضايا أفغانستان وليبيا والصين خلال أول لقاء مباشر بينهما منذ أن أصبح بايدن رئيسا.

وأضاف سوليفان للصحفيين لدى وصوله إلى بروكسل في وقت متأخر أمس الأحد “سيبحثان القضايا السياسية والاقتصادية الأشد صعوبة… التي تمثل تحديات في علاقاتنا، بما في ذلك تلك المتعلقة بحقوق الإنسان”.

وقال أردوغان لدى مغادرته تركيا مساء أمس أيضا إنه يتوقع “نهجا غير مشروط” من بايدن لتجاوز مشكلات الماضي، مضيفا للصحفيين “تركيا ليست كأي دولة، إنها بلد حليف. نحن عضوان في حلف شمال الأطلسي”.

وقال بشأن قرار واشنطن إخراج تركيا من برنامج الطائرة المقاتلة من الجيل الخامس إف-35 “هناك العديد من القضايا المتعلقة بالصناعات الدفاعية ما زالت مطروحة على الطاولة. أهم هذه القضايا هي قضية الطائرة إف-35”.

ومن بين المناطق التي يأمل أردوغان أن يبرز دورا رئيسيا لتركيا فيها داخل حلف الأطلسي قضية أفغانستان، حيث عرضت تركيا حراسة وتشغيل مطار كابول لتأمين الوصول إلى البلاد بعد انسحاب حلف الأطلسي بدافع من الولايات المتحدة.

غير أنه في ظل وجود نقاط خلاف عديدة فإن الآمال ضئيلة في تحقيق أي انفراجة مهمة في العلاقة المتوترة بين البلدين.

وقالت مجموعة تينيو للاستشارات في مذكرة قبل المحادثات “بينما من المتوقع أن يستمر الجانبان في بعض المشاركة العملية، ولا يحرص أي منهما على الدخول في مواجهة، لن يحقق الاجتماع لأردوغان أي فوائد جدية.

وأضافت “لن تُحل أي من نقاط الخلاف الرئيسية، وهو ما يعني أن العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا ستظل محفوفة بالمصاعب وتتسم بالفتور”.

المصدر: أحوال تركية

مشاركة المقال عبر