بين الخـ ـطف والاعتـ ـقال.. مناطق سلـ ـطة دمشق تواجه انهـ ـيـ ـاراً في العدالة

منذ سقـ ـوط نظـ ـام بشـ ـار الأسـ ـد في 8 كانون الأول 2024، ووصول هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم، تشهد مناطق هذه السلـ ـطة مـ ـوجة متصاعدة من الفـ ـوضـ ـى الأمـ ـنـ ـية وغيـ ـاب المحـ ـاسبة، وسط تـ ـدهور في مؤسسات الدولة وتـ ـغـ ـول القـ ـوى الأمـ ـنـ ـية التي أصبحت نسخة عن الأفـ ـرع الأمـ ـنـ ـية لدى نظـ ـام الأسـ ـد.
اعتقالات تعسفية في دمشق بذريعة التواصل مع “قسد”
في صباح 1 تموز 2025، نفذت دورية تابعة لما يسمى “الأمن العام”، حملة اعتقالات طالت ثلاثة موظفين في مجلس حي وادي المشاريع (زور آفا) في دمشق، وذلك بعد مداهمة منازلهم. ووفق مصادر محلية، فإن التهمة الموجهة لهم هي “التواصل مع قوات سوريا الديمقراطية”، في اتهام فضفاض غابت عنه القرائن القانونية أو الإفصاح عن مصير المعتقلين.
هذه الحادثة تأتي في سياق حملات مشابهة تشهدها العاصمة، طالت خلال الأيام الماضية تسعة شبّان كرد في حي الشعلان بدمشق، أثناء تواجدهم في المدينة لأغراض مدنية، ما أثار تساؤلات حول وجود سياسة تضييق واستهداف على أسس عرقية أو سياسية.
الانفلات الأمني في الساحل السوري: اختطاف نساء وجرائم منظمة
الملف الأمني في المناطق الساحلية بات أكثر خطورة، إذ شهدت مدينة جبلة جريمة اختطاف جديدة راحت ضحيتها فتاة تبلغ من العمر 19 عامًا، في منطقة رأس العين، بعد أن اعترضتها عصابة مسلحة داخل سيارة، وقام أحد أفراد العصابة – وهو معروف ومقطوع اليد – بالاعتداء الوحشي على شقيقها.
هذه الحادثة تأتي بعد أيام من الكشف عن تقرير استقصائي لوكالة “رويترز”، تضمّن أسماء عشرات المختطفات في الساحل السوري، ما دفع الخاطفين لإطلاق سراح اثنتين من الضحايا: فاتن قيس الهيبة (41 عاماً) وزينب غدير الذكرى (17 عاماً)، دون أي توضيحات رسمية عن الجهة الخاطفة أو ظروف الإفراج.
اللافت أن سلطات دمشق لم تصدر أي بيانات توضيحية، ما يؤكد غياب أي مؤسسات للمحاسبة أو سلطة قضائية فعلية في هذه المناطق.
تضييق على الصحفيين وحرية الإعلام في حلب
وفي حلب، تعرض الصحفي “محمد دكيني” لاعتداء لفظي وإهانات وتهديد مباشر من قبل صحفي آخر ومجموعة عناصر من الأمن العام، بعد قيامه بتوثيق كسر تمثال الشهداء في ساحة سعد الله الجابري من قبل المتشددين في سلطة دمشق.
وبحسب ما وثقه المرصد السوري، تم إجبار الصحفي على حذف الفيديو تحت التهديد، وهو ما اعتبرته نقابة الصحفيين اعتداءً مباشراً على حرية العمل الصحفي وتراجعاً خطيراً في بيئة الإعلام، التي تعاني أساساً من القيود والتدخلات.
تفشي العصابات وتراجع الأمن
وتشير مصادر ميدانية إلى تصاعد نشاط عصابات منظمة، تعمل تحت حماية غير مباشرة من جهات أمنية نافذة، في عمليات خطف وابتزاز واتجار بالبشر، في مناطق الساحل ودمشق. وتنتشر الشائعات حول تورط ضباط أمن محليين في حماية هذه الشبكات، أو التغاضي عن أنشطتها مقابل مكاسب مالية.
وتشير كل المؤشرات إلى أن مناطق سلطة دمشق باتت تعيش حالة من الفلتان الأمني، حيث تراجعت دولة القانون، وصعدت قوى أمنية غير خاضعة لمحاسبة، وتراجعت ضمانات الحقوق المدنية. الاعتقالات العشوائية، والاختطاف، والتعدي على الصحفيين، كلها مظاهر لحالة خطيرة من الانحدار نحو حكم الأجهزة على حساب المؤسسات، وسط غياب أي رقابة مجتمعية أو سياسية.