سوريا

اندبندت عربية: مطلبان للحكومة السورية مقابل استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان

خلف غبار التسريبات المتفائلة تارة والمتشائمة تارة أخرى، المتعلقة بإنهاء الفراغ الحكومي في لبنان، ووراء الأخذ والرد حول استقدام “حزب الله” باخرة المازوت من إيران متحدياً العقوبات الأميركية، تدور لعبة أخرى، سياسية مالية تتناول قطاع الطاقة وتوزيع منافعه على بعض دول المنطقة، بعد أن أخذت فكرة استجرار الكهرباء من الأردن إلى لبنان، وكذلك الغاز المصري عبر الأردن وسوريا، بعد أن دخلت الولايات المتحدة الأميركية على خط استثناء هذه الدول من عقوبات قانون قيصر على التعامل مع الحكومة السورية، بحسب تقرير لـ “اندبندت عربية”.
وقد تسهل هذه اللعبة قيام الحكومة الجديدة المعطلة منذ أكثر من 13 شهراً، وقد لا تسهلها، إلا أن الاتصالات الدائرة في شأن استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، كشفت عن مفاوضات ذات أبعاد سياسية تتعدى بأهميتها محاولة إيجاد حل لأزمتي استيراد المحروقات وتوليد الكهرباء في لبنان.
فاندفاع “حزب الله” وإيران لاستيراد المازوت منها، والوعد بإرسال بواخر أخرى محملة بالبنزين، للتخفيف من الأزمة اللبنانية الخانقة، أطلق في الظاهر تنافساً أميركياً إيرانياً بإبلاغ السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن سعي حكومة بلادها إلى مساعدة لبنان على استجرار الكهرباء والغاز خلال اتصال أجرته مع رئيس الجمهورية ميشال عون بعد 3 ساعات من إعلان الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله في 19 آب الماضي عن انطلاق باخرة المازوت الإيراني خلال ساعات، مهدداً أميركا وإسرائيل في حال تعرضا لها باعتبارها أرضاً لبنانية.
واقع الأمر أن البحث في إحياء فكرة استجرار الكهرباء من الأردن عبر شبكة نقل تمر في سوريا، والغاز من مصر عبر الأنبوب العربي الذي يمر في سوريا بدأت قبل ذلك بأكثر من شهر.
وتفيد المعلومات أن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سبق أن بحث هذا الخيار أكثر من مرة مع الجانب المصري، آخرها في 14 تموز الماضي في لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل يوم من اعتذاره عن عدم تأليف الحكومة في 15 تموز.
وبحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى، فإن المحطة الثانية لطرح الفكرة كانت خلال الزيارة التي قام بها ملك الأردن عبدالله الثاني إلى واشنطن واجتماعه في 19 تموز مع الرئيس جو بايدن، حيث طرح موضوع مساعدة لبنان على خفض أضرار أزمته الاقتصادية المعيشية نظراً إلى انعكاسات تفاقمها الأمنية وتأثيرها السلبي على الصعيد الإقليمي.
وأفادت المصادر نفسها أن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي له علاقة وثيقة مع الجانب الأردني، كان بذل مسعى مع عمان كي يطرح الملك عبدالله اقتراح إعفاء لبنان من العقوبات التي يفرضها قانون قيصر على التعامل مع الحكومة السورية من أجل استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر الأراضي السورية، إلى لبنان.
معلومات “اندبندت عربية” أفادت بأن زيارة الوفد اللبناني كانت “غطاء” لاتصالات جرت خلال الأسبوعين الماضيين هي التي حسمت الأمور، تدرجت زمنياً بعد إعلان السفيرة دوروثي شيا الإيجابي حيال إمكان إعفاء لبنان من العقوبات، وجرت اتصالات بعيداً عن الأضواء مع دمشق فطرحت الأخيرة مطلبين:

  • الأول أنها تريد حصة من الغاز المصري الذي سيمر عبر أراضيها لسد النقص الذي تعانيه سوريا ويحول دون تلبية احتياجات السوق السورية. وعبر عن هذه الحاجة وزير الثروة النفطية السورية بسام طعمة أثناء زيارة الوفد اللبناني.
    والمطلب الثاني هو أن دمشق أبلغت المتصلين بها أن شبكة استجرار الكهرباء من الأردن التي تمر عبر محافظة درعا السورية، أصيبت بأضرار خلال الحرب السورية، ودمشق غير مستعدة لإصلاحها على نفقتها. كما أن خط أنبوب الغاز العربي أصيب بأضرار مع بداية الحرب السورية وإصلاحه يتطلب مبالغ، وحكومة السورية غير مستعدة لإنفاقها.
    وعلمت “اندبندنت عربية” أن السفارة الأميركية في بيروت تبلغت بالمطلبين السوريين. وبعد التشاور مع واشنطن، أبلغت السفيرة دوروثي شيا الوزيرة زينة عكر في 21 آب الماضي، أي قبل زيارة الوفد الوزاري اللبناني بأسبوعين، أن الإدارة الأميركية أجرت اتصالاتها مع البنك الدولي بخصوص تمويله لعملية إصلاح الشبكة، ونصحتها بالاجتماع مع بعثة البنك في بيروت، للاتفاق على هذه المسألة، فالتقت إدارة البنك في لبنان، برفقة وزير الطاقة اللبناني ريمون غجر وناقشا تأمين تكلفة إصلاح شبكة نقل الكهرباء وخط الأنبوب العربي. أي أن الجانب الأميركي أسهم في تأمين تمويل إصلاح شبكة استجرار الكهرباء، وأنبوب الغاز اللذين تعددت الروايات حول مدى حراجة الأضرار التي أصابتهما. فمنها ما أشار إلى الحاجة لـ 3 إلى 6 أشهر لمعالجتها ومنها ما أوضح أن الأمر يتطلب بضعة أسابيع.
    إلا أن حسم أمر الطلب السوري الحصول على حصة من الغاز المصري، يحتاج إلى مفاوضات بين الحكومة السورية والقاهرة وبينها وبين عمّان أيضاً، لأن الأمر مرتبط بالاتفاق على كيفية تسديد ثمنه. كما أن أوساطاً دبلوماسية أشارت إلى أن القاهرة وعمان لا بد من أن تتشاورا في صدد تلبية الطلب السوري مع عدد من الدول العربية ولا سيما الخليجية، فضلاً عن الجانب الأميركي. ولعل هذا الأمر سيبحث في اجتماع وزراء الطاقة في الأردن وسوريا ومصر ولبنان، إضافة إلى وزير الطاقة الأردني، الأربعاء في 8 أيلول.
مشاركة المقال عبر