آراء وتحليلات

أزمات متلاحقة في مناطق سيطرة الحكومة السورية والمواطن يدفع الثمن

يعيش المواطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية أوضاعاً اقتصادية صعبة جداً، نتيجة ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور وانتشار الفساد والمحسوبية في المؤسسات التابعة للدولة.
إذ أن الأزمة التي تمر بها سوريا منذ عام 2011 واستخدام الحكومة السورية للقوة العسكرية المفرطة في مواجهة التظاهرات المطالبة بالحرية والديمقراطية والحقوق المشروعة، واستغلال المجموعات المسلحة لذلك وتدخل القوى الدولية والإقليمية مثل روسيا وتركيا وإيران، أدى إلى تدمير سوريا وقطاعات الإنتاج فيها.
وتسببت الحرب الدائرة في البلاد منذ حوالي 10 أعوام، إلى تدمير 70 % من منشآت القطاع الخاص الصناعي، فمدينة حلب التي كانت تعرف بشريان الاقتصاد السوري تعرضت فيها المعامل للسلب والنهب من قبل المجموعات المسلحة التي تتلقى دعمها من تركيا والتي فككت هذه المعامل ونقلتها إلى تركيا.
ولم يتوقف الضرر على القطاع الصناعي فقط، بل وصل إلى القطاع الزراعي ما أدى لإلحاق أضرار به تصل إلى ما نسبته 60 % نتيجة ظروف الحرب ونزوح الأهالي وتحول الأراضي الزراعية إلى أراضي بور، علاوة على عمليات الحرق التي تحصل في الأراضي الزراعية والغابات نتيجة الحرائق. هذا عدا عن خروج قطاع السياحة والمطاعم عن الخدمة بشكل شبه كامل.
فسوريا التي كانت تعرف يوماً بأنها بلاد القمح، باتت تفتقر إلى مادة الخبز. إذ تحولت سوريا من دولة منتجة للقمح ومصدرة له إلى مستوردة له، بفعل توقف المواطنين عن توريد الأقماح إلى مراكز النظام بسبب انخفاض أسعار الشراء مقارنة بارتفاع أسعار صرف الليرة أمام الدولار، وخروج غالبية المناطق عن سيطرة الحكومة، علاوة على انتشار الفساد والمحسوبية في هذه مراكز استلام الحبوب.
وهذا ما أجبر سوريا على الاعتماد على الحليف الروسي للحصول على القمح من أجل تأمين مادة الطحين لصناعة الخبز، فوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قال في كانون الأول المنصرم أن روسيا زودت سوريا بـ 100 ألف طن من القمح كمساعدات إنسانية منذ بداية عام 2020.
ومع عدم توفر الخبز، يقف المواطنون في طوابير طويلة أمام الأفران ولساعات طويلة جداً في سبيل الحصول على ربطة خبز. وهذه الطوابير في ظل انتشار فيروس كورونا، أدى إلى زيادة تفشي الفيروس في مناطق الحكومة التي تتستر على الأعداد الرسمية للمصابين والوفيات التي تقدر بعشرات الآلاف.
كما تعاني مناطق سيطرة النظام من فقدان المحروقات، فهذه المادة غير متوفرة في محطات الوقود، ورغم محاولات الحكومة السورية تخفيف العبء عبر توزيع بطاقات تحدد كمية المحروقات المخصصة لكل سيارة، إلا أن المحطات تزدحم بالسيارات ولكن لا يحصل معظمهم على المحروقات، لأنها تباع من قبل المنتفذين في السوق الحرة بأسعار تصل إلى أربعة أضعاف.
كما تعاني سوريا من عدم توفر الاحتياجات الأساسية الأخرى من مواد غذائية والتي ان توفرت تكون أسعارها عالية جداً تفوق قدرة المواطنين الذين يعملون في القطاع العام والخاص في مناطق الحكومة السورية على حد سواء. فقيمة الأجور في مناطق الحكومة السورية تتراوح ما بين 37 ألف إلى حوالي 150 ألفاً في الشهر الواحد، وهو أقل من 60 دولاراً في الشهر.
فالعملة السورية تدهورت منذ بداية الأزمة وما تزال مستمرة بالانخفاض أمام العملات الأجنبية، إذ وصل سعر صرفها إلى حوالي 2900 ليرة مقابل الدولار الواحد.
هذه الظروف المعيشية، جعلت من 90 % من السوريين يعيشون تحت خطر الفقر بحسب ما أكدته منظمة الصحة العالمية في سوريا.
وعلى الرغم من ادعاءه بالحرص على مصلحة الشعب السوري، إلا أن النظام السوري ما زال يصدر القرارات الواحدة تلو الأخرى والتي تؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، فمؤخراً تم رفع سعر الاسمنت حوالي 70 % وهذا ما يجعل أسعار العقارات ترتفع لتصل إلى مستوى لا يستطيع المواطن العادي معها شراء منزل.
وجاءت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على البنك المركزي السوري والأفراد والمؤسسات المرتبطة بالحكومة السورية، لتؤثر بشكل مباشر على الشعب ولقمة عيشه، دون أن تؤثر على المسؤولين في الحكومة الذين تحولوا إلى تجار حروب وجمعوا ثروات كبيرة عبر عمليات التهريب والتحكم بالأسعار وقوت المواطن.
وفي ظل فقدان المواد الغذائية والدواء وتدهور الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطنين السوريين الخاضعين لسيطرة الحكومة السورية ، يبقى السخط الشعبي وغضبه من الخطابات الرنانة التي ما زال الحكومة السورية يتمسك بها والتي لا تسد رمق المواطن ولا تغنيه من الجوع.

fox_press

مشاركة المقال عبر