العالم والشرق الاوسط

الجزائر تعيد خطأ الأسد وتروّج لدخول تركيا إلى المجال الأفريقي

حذرت أوساط سياسية جزائرية نظام الرئيس عبدالمجيد تبون من تسريع خطوات التقارب غير المحسوبة تجاه تركيا بعد الإشادة الرسمية بالنفوذ الاقتصادي لأنقرة في القارة الأفريقية، مذكرة بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يؤتمن ولا يمكن الرهان على بناء علاقات استراتيجية معه ومحذرة من مصير مشابه لما جرى مع الرئيس السوري بشار الأسد الذي سمح لأردوغان ببناء علاقات متينة ببلاده ووثق به، لكنه انقلب عليه وسعى لإسقاطه من خلال دعم المعارضة المسلحة.
وقبل ثورات “الربيع العربي” أطلق الرئيس التركي تصريحات قوية عن رغبة بلاده في تطوير العلاقات مع دمشق، وأنه سيعمل معها “على جعل الشرق الأوسط منطقة يسودها الازدهار والسلام”. وعقد البلدان العديد من الاتفاقيات ذات بعد استراتيجي، خاصة في المجالات الأمنية والعسكرية، لكن ذلك سقط بمجرد انطلاق موجات الاحتجاج التي سعى أردوغان للركوب عليها.
وأشاد رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن، خلال حضوره القمة الأفريقية التركية في مدينة إسطنبول، بالعلاقات الثنائية التي تربط بلاده بتركيا، وبأفقها الواسع والذي يرشحها لأن تكون نموذجا يحتذى به في المنطقة. كما أشاد بعزم أنقرة على الانفتاح على القارة الأفريقية والمساهمة في نموها، بحسب تقرير لصحيفة العرب.
وتساءل مراقبون جزائريون عن فائدة الجزائر من بناء تركيا علاقات اقتصادية متينة مع أفريقيا، خاصة أن الجزائر هي المرشح منطقيا أن تلعب دورا مؤثرا في القارة، وهي تمتلك المقومات الاقتصادية اللازمة، لكنّ نظامها السياسي يكتفي دائما بلعب الدور الثانوي سواء في ظل التدخلات الفرنسية وخاصة الروسية التي جعلت من الجزائر بوابتها نحو جنوب الصحراء.
ولاحظ المراقبون أن الجزائر بوزنها الإقليمي المؤثر باتت تتحرك وراء أجندة تركيا الداعمة لثورات “الربيع العربي” والحركات الإسلامية المستفيدة منه خاصة في تونس وليبيا. وتكتفي الجزائر بمراقبة الوضع رغم أن وجودا تركيا بعيد المدى يمكن أن يهدد أمنها القومي.
وبات الموقف الجزائري الداعي لإخلاء ليبيا من الميليشيات المسلحة، محل التباس قياسا بتناغمها مع أبرز قوتين إقليميتين يوجد عناصرها المسلحة في ليبيا وهما تركيا وروسيا، فبعد التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية رمطان لعمامرة في قمة مجلس الأمن والسلم الأفريقي، الذي دعا فيه لإخلاء القارة السمراء من السلاح والمال غير الشرعي، دون أن يشير علنا إلى ليبيا، أعقبته دعوة الرئيس تبون بشكل صريح لضرورة خروج الميليشيات المسلّحة من ليبيا من أجل السماح بإقامة حل سياسي للأزمة، وذلك على هامش لقائه بالرئيس التونسي قيس سعيد في الزيارة التي قادته إلى تونس خلال هذا الأسبوع.
غير أن عدم اتخاذ الجزائر لخطوات ملموسة في هذا المسعى، وطرحه بشكل جاد على شريكيها الكبيرين المالكين لأبرز كيانين مسلحين في ليبيا، أثار الشكوك حول الموقف برمته، خاصة وأن دوائر دبلوماسية وإعلامية تعتبرها المزكي الأول لتمدد قوات فاغنر الروسية إلى الجنوب، بعدما صارت رقما مهما في معادلة المشهد في مالي.

مشاركة المقال عبر