الأخبار

أردوغان من لص في المدن السورية إلى لص في الدول الأوربية

يوماً بعد يوم يظهر للعيان النوايا والسياسة التركية في المنطقة ككل، فبعد سرقتها آلاف المصانع والمعامل والمنشآت الحيوية في مدينة حلب، إضافة لسرقتها الزيتون والآثار من مدينة عفرين ومناطق أخرى في سوريا عبر فصائلها المأجورة ونسب حضارة العالم إلى نفسها، اليوم تجرأت وطالت يدها في سرقة الحبوب من دولة شريكة لحلف الناتو وهي أوكرانيا التي تعد من مصدري الحبوب الرئيسيين، دون الإكتراث بالقيم والمبادئ التي يتبناها الحلف.

وتستمر الحركة التجارية بنشاط عند أبواب البحر الأسود مرورا عبر تركيا، حيث اتهم سفير أوكرانيا لدى أنقرة، الجمعة، روسيا، بـ”سرقة” محاصيل حبوب أوكرانية، وتصديرها إلى دول عدة، من بينها تركيا.

وقال فاسيل بودنار، إن المشترين الأتراك كانوا من بين أولئك الذين تلقوا حبوبًا سرقتها روسيا من أوكرانيا، مضيفًا أنه طلب مساعدة تركيا في تحديد الأشخاص المسؤولين عن الشحنات والقبض عليهم.

وكشفت السفارة الأوكرانية في بيروت، عن أن روسيا أرسلت لحليفتها سوريا ما يقدَّر بمائة ألف طن من القمح “مسروقة” من أوكرانيا منذ غزت البلاد.

سرقة القمح السوري وغيرها من خيرات المنطقة

هذه الحادثة أعادت إلى الذاكرة إقدام تركيا على سرقة القمح السوري ونهب الصوامع ومصادرة الأراضي، وفور ورود الاتهامات الاوكرانيا لتركيا بسرقة قمحها اعاد نشطاء سورييون تداول مقاطع فيديو تظهر نساء متظاهرات ويحاولن الوقوف في وجه الشاحنات التركية التي تسرق القمح السوري عبر البوابة الحدودية في بلدة تل ابيض الحدودية حيث قامت تركيا وعبر فصائلها المسلحة بسرقة محتويات الصوامع من القمح ومافي منازل المدنيين والمخازن ونقلته الى مدينة اورفا.

ورغم التنديد الواسع فإن تركيا تواصل مصادرة آلاف الهكتارات المزروعة بالقمح والشعير، في بلدتي تل ابيض وراس العين وفي مدينة عفرين وتقوم بحصادها ونقل المحصول إلى داخل الأراضي التركية دون العودة لأصحابها، وتفرض تسويقها إليها حصرا وإجبار الفلاحين على ذلك.

وتقدر مجموع المساحات المروية في ريف تل أبيض بأكثر من 25 ألف هكتار. تجاوز إنتاج الهكتار الواحد من القمح أو الشعير 5 أطنان هذا العام، ونسبة المساحة المزروعة بالقمح تصل إلى 30 % من مجموع الأراضي التي زرعت بالحبوب، فيما استولت فصائل “الجيش الوطني” على قرابة 10 آلاف هكتار من أصل 25 ألف، بحجة ارتباط “أصحابها الفلاحين” بالإدارة الذاتية السابقة في المدينة، حيث رفضت السماح لهم بالعودة، ورفضت توكيل أصحابها بحصاد موسمهم من قبل مقربين منهم، من سكان تلك المناطق، رغم أنّ بعض الفلاحين عرض نسبة 50 % من الإنتاج عليهم. ذات الأمر في مدينة رأس العين حيث تقدر مجموع المساحات المروية ب 24 ألف هكتار.

وكشف مصدر فيما يسمى بـ”المجلس المحلي” في مدينة تل أبيض أنّ رئيس المجلس متورط في عمليات فساد كبيرة، عبر عرقلته المجلس من تحديد سعر القمح والشعير هذا العام، رغم أنّ هنالك تعليمات تركية بالتعجل في تحديد “السعر” وشراءه من المزارعين.

المصدر أشار كذلك ان المجلس اتفق مع قيادة فصيل “الجبهة الشامية”الموالي لتركيا باحتكار شراء المحصول من الفلاحين بسعر محدد سلفا وذلك عبر مؤسسة تابعة للجبهة اسمها “سنابل”، حيث يحظر على المزارعين البيع لغير هذه المؤسسة تحت طائلة الاعتقال بتهمة الخيانة،
وحددت مؤسسة “سنابل” السعر بـ “75 ليرة سورية للكيلو الغرام الواحد من الشعير”، مع فرض إتاوات تبلغ قيمتها “40 دولار” على كل 1 طن، إضافة إلى “80 دولار على الطن” تحسب على الفلاح، تفرض من الجانب التركي.

فيما ينال صاحب الحصادة نسبة 25 % من المحصول وهم غالبا مرتبطين بقادة فصائل الجيش الوطني، وتقوم “سنابل” بنقل المحصول الذي فرض على الفلاحين بيعهم إلى تركيا حيث يسلم الشعير للحكومة التركية عبر تجار أتراك بـ 2.5 ليرة للكيلو اي ب (575 ليرة سورية “الليرة التركية = 230). وبحساب الغرامات، والضرائب ومصاريف الزراعة والجهد المبذول والأجور، فإنّ سعر برميل المازوت يبلغ 75 ألف ليرة سوريا، سعر الكيس الفارغ 225 ليرة سورية، تكاليف السماد والسقاية والنقل وأجور الحمل والتفريغ ومجموع التكلفة والأرباح فإنّ الفلاح السوري بالكاد يحصل على ربع المحصول المنتج من أرضه طيلة عام كامل من العمل، فيما تذهب كل الأرباح بدون أي تعب لصالح قادة الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، وللحكومة التركية التي تحصل على أفضل أنواع الحبوب بسعر زهيد، وتكسب أجور النقل والتحميل والتفريغ والحصاد كون غالب الحصادات تدخل من الأراضي التركية إلى سوريا ويحظر على الفلاحة الحصاد بالحصادات السورية.
خسائر اقتصادية ألحقت بالأراضي الزراعية والمحال التجارية في سريه كانيه وتل أبيض
وتشير مراكز التوثيق إلى الخسائر الاقتصادية بسبب الهجوم التركي على منطقتي رأس العين وتل أبيض من 9 تشرين الأول 2019 إلى 5 تشرين الثاني 2019 وفق البيانات التالية:

  • مساحة الأراضي الزراعية الموجودة في المنطقتين كري سبي وسري كانيه: في كري سبي تقدر بـ (4,750,000) دونم وفي سري كانيه (1,440,000) دونم.
  • الصوامع الموجودة في المناطق التي تعرضت للاحتلال، والكميات الموجودة فيها والتي تعرضت جميعها للسرقة:
    أ‌. المجموع الكامل للقمح في صوامع منطقتي سري كانيه و كري سبي (42,700 طن) و (2,300) طن من البذار.
    ب‌. المجموع الكامل للشعير الموجود في سري كانيه وكري سبي (33,000) طن.
    ج. القطن المسروق في سري كانيه من صوامع السفح (2,600) طن.
  • الأسمدة الموجودة في منطقتي كري سبي وسري كانيه والتي تعرضت جميعها للسرقة من قبل السلطات التركية والفصائل الموالية لها كانت 3200 طن، فيما كان المجموع الكلي للثروة الحيوانية التي تعرضت للسرقة في منطقتي كري سبي وسري كانيه 278,370 ألف رأس من الماشية.

أما المحلات التجارية والصناعية التي تعرضت للسرقة في منطقتي كري سبي وسري كانيه:

  • في كري سبي يُقدّر عدد المحلات من 700 إلى 1000 محل وهي مقسمة كالآتي 300 قيد صناعي و57 قيد تجاري والباقي تعتبر عامة. وفي سري كانيه يقدر عدد المحلات 1200 محل، وهي مقسمة كالآتي 500 قيد تجاري، و500 قيد صناعي، والباقي تعتبر عامة.
    إضافة إلى أن عدد الأفران في سريه كانيه، 12 فرن، وبالنسبة لعدد الأفران الموجودة في كري سبي 17 فرن، ما بين الأفران الخاصة والعامة، وهذه الأفران كانت تقوم بخبز ما يُقدّر بـ 400 طن من الطحين أسبوعياً. جميعها سُرقت من قبل السلطات التركية والفصائل الموالية لها. بالإضافة لنهب وسرقة 131معمل.

هل بقيت أماكن أثرية في عفرين ولم تسرقها الفصائل الموالية لتركيا

وعلى خطى عناصر تنظيم الدولة الاسلامية.. تطوّرت الانتهاكات التركية لتصل إلى محو تاريخ المنطقة كاملا، وذلك عبر عمليات نهب عن سابق إصرار وترصد، حيث قامت بتدمير مواقع أثرية في عفرين وريف حلب، بتجريف التلال الأثرية والتنقيب عن الكنوز وسرقة التماثيل والمنحوتات النادرة والتي تعود إلى العصر الروماني قبل الميلاد بألف عام، ومن بينها تل برج عبدالو، تل عين دارة، تل جنديرس، وموقع النبي هوري.

زيت الزيتون قضية أخرى للإتجار والغش من قبل تركيا

وتحتل مدينة عفرين مساحة 3850 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل 2% من إجمالي مساحة سوريا، وتعتبر من المناطق المعروفة بجودة زراعتها، وهي مصدر رئيسي لدخل معظم سكانها، حيث يبلغ عدد أشجار الزيتون حوالي 18 مليون شجرة، وتصل كمية إنتاج الزيت إلى 270 ألف طن في الأعوام المثمرة، كما توجد في المنطقة 250 معصرة زيت زيتون.

ووُجهت اتهامات للسلطات التركية ببيع زيت زيتون مدينة عفرين، لدول الاتحاد الأوروبي، حيث اتهم بيرنهارد غوهل النائب السويسري الدولة التركية بسرقة زيت الزيتون من سوريا، ثم بيعه على أنه تركي المنشأ في دول الاتحاد الأوروبي، من بينها إسبانيا، بحسب ما نشرت صحيفة “ذا تلغراف” البريطانية. مشيراً أن هدف نهب زيت الزيتون هو لتمويل الفصائل الموالية لتركيا في عفرين.

من جهتها نقلت صحيفة بوبليكو “Público” الإسبانية عن مصادر حكومية، أن “الحكومة التركية تستخدم عددًا من الشركات الوسيطة، للدخول إلى إسبانيا بطريقة غير شرعية، من خلال بيع عدة أطنان من زيت الزيتون، التي سرقتها فصائل المعارضة المدعومة من تركيا من عفرين”.

ونقلت الصحيفة عن مصادر في المنطقة أيضاً قولها، إن زيت الزيتون السوري المنشأ يتم خلطه مع منتج تركي قبل تصديره وتوضع عليه ملصقات مزيفة.

في المقابل، نقلت وسائل إعلام تركية تصريحا لوزير الزراعة التركي بكير باكدميرلي، أكد فيه أن حكومته تخطط للحصول على زيت الزيتون الذي يتم إنتاجه في عفرين، لمنع وقوعه في أيدي القوات الكردية التي تعتبرها أنقرة حركة إرهابية انفصالية حسب تعبيره.

فيما توالت تعليقات قراء صحيفة “ذا تليغراف”، مؤكدين أن تلك الفضيحة ليست السابقة الأولى، و “أن أنقرة تاجرت في النفط الذي نهبه داعـ.ـش من قبل عدة أعوام، وما خفي كان أعظم”.

المنطقة الصناعية بحلب سرقها لص تركيا

ولم تنتهي ممارسات الدولة التركية عند هذا الحد فقط، فهي متورطة بسرقة الآلاف من المصانع والمعامل والمنشآت الحيوية لمدينة حلب، ونقلها عبر مرتزقة مأجورين إلى الأراضي التركية بإشراف مباشر من مقربين من أردوغان شخصياً.

حيث كانت مدينة حلب تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا وأهم مركز صناعي في سوريا والشرق الأوسط، إضافة إلى أهميتها التجارية والزراعية، وهي معروفة منذ القدم بصناعاتها التقليدية كالنسيج وحلج القطن والصابون والمواد الغذائية.

وبحسب المصادر الاقتصادية، إن عدد المنشآت العاملة في مدينة حلب قبل الأزمة السورية كان 65 ألفاً، حيث كانت توفر فرص عمل لنحو مليون مواطن، وقد وصل عدد المنشآت في المدينة بعد طرد الفصائل الموالية لتركيا منها إلى نحو 6000 معمل.

تقع مدينة الشيخ نجار والمعروفة بالمنطقة الصناعية، في الجزء الشمالي الشرقي لحلب، وبسبب كثرة معامل الصناعة التقليدية إضافة إلى الصناعات الغذائية والأدوية وغيرها من الصناعات الأخرى، حيث كانت تضم أكثر من 1500 منشأة، قبل الأزمة السورية، وكانت توفر أكثر من 45 ألف فرصة عمل لأهالي مدينة حلب ومختلف المناطق السورية. وتضم كل البنية التحتية اللازمة للصناعة، بما فيها البنوك ومساكن الموظفين، وتدمرت بنسبة 90% في تلك المنطقة بعد أن وقعت تحت نفوذ الفصائل الموالية لتركيا عام 2012، حيث تعرضت منشآتها للنهب والسرقة من تلك الفصائل
وتشير المصادر الاقتصادية، إلى أن آلاف المصانع في مدينة حلب، منها 1000 معمل في الشيخ نجار، تم تحويلها عبر السوق السوداء إلى تركيا وعدد كبير من هذه المصانع تم تفكيكها بشكل بدائي واعتباطي وبيعها في الأسواق التركية.

ووجه رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، فارس الشهابي، كتاباً إلى وزارة الخارجية السورية لمطالبتها بإثارة قضية سرقة المعامل الحلبية في أروقة الأمم المتحدة، مؤكداً وقوع عمليات سرقة بشكل يومي للمعامل السورية وأن المواطنين في حلب تصف الرئيس التركي أردوغان بأنه لص حلب.

ووافقت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ على الشكوى المقدمة ضد الرئيس التركي في 22 نيسان لعام 2014 بتهم من بينها التورط في تيسير سرقة معامل حلب والضلوع في تدمير البنية التحتية للاقتصاد السوري، تقدر قيمة إجمالي المبالغ المفقودة بـ 196 مليار ليرة سورية.

ولم تكتفي الدولة التركية بسرقة المصانع والمحتويات في مدينة حلب، بل أستغلت العاملين فيها وأخذتهم إلى المدن التركية وبالأخص غازي عنتاب، وعملت على تشغيلهم ضمن المصانع التي كانوا يعملون فيها سابقاً في حلب.

مشاركة المقال عبر