آراء وتحليلات

جدلية المثقف الكردي الملتزم و الحيادي

لم يختلف العلماء كثيراً في تعريف الثقافة ،

و يمكن القول أن كل المفاهيم و المعارف الذهنية أو المكتسبة للشخص المثقف يصب لصالح تطوير أنماط الحياة المجتمعية ،

و قد يقع عليه الدور الأهم في أن يساهم انطلاقاً من خلفيته الثقافية ، كل الادوار المصيرية أو التاريخية في حياة شعبه او حتى للشعوب الاخرى .و إذا ما تعرضنا إليها في واقعنا الكردي فلا بد من القول ان الثقافة فيها تعاني أزمة حقيقية لأن الشعب الكردي يعاني من الاضطهاد القومي و الانساني و لم يستطع أبناءه بناء تلك الثقافة الخاصة بهم و إنما كانت المعرفة على الأغلب مستوردة من ثقافة الأنظمة الغاصبة على امتداد مراحل عدة مضت .و لكن و مع بداية القرن الحادي و العشرين و إعلان ثورات عن تطور أنظمة التقانة العالمية أصبحت المعلومة او المعرفة بمتناول أي شخص و بكل سهولة و زالت حواجز الخوف من تلك الانظمة المستبدة و اسقطت عنها مقولة احتكار او رهن الثقافة .و اذا ما تم الخوض في مسيرة المثقف الكردي السوري فلا بد من أنه عانى السياسة القمعية للانظمة السورية المتتالية على الحكم و تعرض للقمع الثنائي ( كونه كورديا و الاخر ديمقراطيا ) و لكن مع قدوم الربيع العربي و الثورة السورية نشأت نواة لثقافة جديدة اتخذت لنفسها مسميات مختلفة منها مستقلة و حيادية و شفافة … الخ .و هنا يتبادر للذهن السؤال ما هو الفرق بين المثقف الملتزم و المثقف الحيادي ؟في أحسن الاحوال لا توجد هناك ثقافة محايدة كما لا يوجد مثقف محايد بشكل مطلق و انما يسعى كل مثقف على طريقته الخاصة ليكون مشروعا لحصيلة التفاعل المجتمعي اليومي او المرحلي .فالمثقف المحايد يحاول بمفهومه المتغير ان ينتهز الفرص و ان يلعب على كافة الحبال لأيجاد مكان مناسب له متى ما شاء و بالتالي سينحاز في يوماً ما إلى جانب جهات ما أو حكومات قد تكون مستغلة على الصعيد السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي … الخ .و أيضا قد يستطيع تضليل لما يحدث على أرض الواقع و هذا ما يثبت دحض وجود ثقافة حيادية .ومن المؤكد في هذه المرحلة المصيرية للشعب الكردي إن الثقافة المضادة للقضية الكوردية ستسفيد من ثقافة الحياد و سكوتها و ستلحق الضرر بالثقافة الملتزمة التي تلتزم بقضية الشعب الكردي و عموم كوردستان و قد تعرقل طموحات هذه الامة في حقوقها المشروعة .فثقافة الحياد في الحالات المصيرية للشعوب هي هروب من الواقع و عالة بوجه الثقافة الملتزمة لأنها لا تنخرط في ألم و واقع شعبها بل أحياناً تسعى لنخر الثقافة السائدة بحجة التخلف او الميول لجهة سياسية معينة .و أخيراٍ المثقف الكردي عموما مطلوب منه الانخراط في الواقع السياسي الجماهيري المناهض لقوى الاستبداد و لا ينظر فقط من برجه العالي الذي يتقوقع فيه و قد يكون إلى الأبد .

– الكاتبة مكرمة العيسى إقليم كوردستان .. دهوك .

(المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها فقط ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع )
نقلا عن موقع المجلس الوطني الكوردي

مشاركة المقال عبر