شمال وشرق سوريا

حـ ـرائق مفتعلة تلتهم أشجار عفرين الحراجية لتصبح الأراضي الزراعية مكانا للمستوطنات

في إطار استمرار هندسة التغيير الديمغرافي في منطقة عفرين، شمال غربي سوريا، تواصل تركيا والفصائل الموالية لها بافتعال الحرائق في المناطق الحراجية وذلك بهدف بناء المزيد من المستوطنات في المناطق التي التهمتها الحرائق وتوطين سكان من محافظات سورية أخرى وعائلات مقاتلي فصائل الجيش الوطني السوري المدعوم من قبل تركيا.

تشارك منظمات ومؤسسات وجمعيات قطرية وكويتية في بناء المستوطنات، فيما التحقت بها بعض المنظمات والجمعيات الفلسطينية أيضاً برعاية تركية مباشرة، والتي تسعى لتوطين العرب والتركمان المستقدمين في تلك المنطقة، علماً أنه تم تأسيس أكثر من 48 مستوطنة، منذ سيطرة أنقرة على المنطقة وحتى الآن.

وشهدت مناطق عدة في ريف مدينة عفرين حرائق للمناطق الحراجية ومساحات من الأراضي الزراعية العائدة للسكان الأصليين منذ سيطرة تركيا على عفرين، وفي الـ22 من الشهر الجاري التهمت حرائق حراجية، أجزاء واسعة من الأشجار في جبل هاوار شمال غربي مدينة عفرين شمالي حلب، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة الموالية لتركيا.

ونشب الحريق بالأحراش الحراجية في جبل هاوار واستمر لأكثر من خمس ساعات ملتهماً أكثر من 90 شجرة في الجبل، الذي يعتبر متنفساً حيوياً في المنطقة. وبحسب الأهالي في المنطقة، فإن فرق الإطفاء تتعمد التأخر في الوصول لمكان الحرائق، لتلتهم النيران مساحات واسعة من الأراضي الحراجية. وتقدر المساحات المحروقة بعشرات الهكتارات من أشجار “السنديان المعمرة”.

وكانت قد قامت تلك الفصائل وبدعم من المنظمات والجمعيات الخليجية والفلسطينية والتركية ببناء مستوطنة للأهالي القادمين من مدينة حمص بالقرب من قرية كفروم التابعة لبلدة شران، حيث تم بنائها على سفح تلة كانت مزروعة بالأشجار الحراجية، جرى قطعها بشكل كلي وبيعها كحطب للتدفئة.

يشار أن أول مستوطنة بنيت في عفرين حملت اسم “كويت الرحمة” أواخر 2018، حيث بنيت بدعم كويتي وتنسيق تركي في حرش الخالدية جنوب شرقي عفرين، وضمت نحو150 شقة سكنية”.

وفي السياق ذاته كانت قد انهت السنة الماضية جمعية الأيادي البيضاء الكويتية بناء مستوطنة بالقرب من قرية كفرصفرة التابعة لبلدة جنديرس، حيث تم بناء المستوطنة على سفح جبل ”حج محمد“ بعد قطع الأشجار الحراجية منها، وتم توطين عائلات من دمشق.

وكشف تقرير لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة صدر في سبتمبر 2022 عن مشروع يرسخ عملية التغيير الديمغرافي الممنهج في منطقة عفرين.

وأشار التقرير أن التجمع السكني (المستوطنات) المبني على مساحة في المنطقة المعروفة محلّياً باسم “جبل الأحلام”، والتي تشكّل جزءاً من جبل الأكراد؛ الترجمة العربية للتسمية التركية (Kurd Dagh) والتسمية الكردية (Çiyayê Kurmênc).

وأضاف التقرير أن الموقع الذي بُني “التجمّع السكني” فيه وهو “جبل الأكراد/جبل حلب” تمثل مساحته ما يساوي 2 بالمئة من عموم مساحة سوريا، وهو منطقة أحراش ويعتبر الغطاء النباتي الأكبر في محافظة حلب، وقد تمّ اقتلاع مساحات واسعة من الأشجار/الأحراش وبناء مباني اسمنتية عوضاً عنها.

كل هذه الانتهاكات بحق الطبيعة والتي تعتبر جريمة متعمدة من قبل السلطات التركية والفصائل الموالية لها، هي ليست سوى لغايات ومن بينها الاستفادة من الحطب في المتاجرة بها وجعلها كوقود التدفئة، إلى جانب الاستفادة من تلك المساحات الزراعية لبناء المستوطنات عليها وترسيخ فكرة التغيير الديمغرافي في المنطقة.

يشار إلى أن الجيش التركي وفصائل مسلحة معارضة قد شنت عملية عسكرية بإسم “غصن الزيتون” على عفرين في الـ20 كانون الثاني 2018 أفضت إلى تهجير أكثر من 300 ألف كوردي من عفرين إذ تشير إحصائيات تقريبية من منظمات حقوقية محلية أن نسبة الكرد انخفضت إلى مادون العشرين بالمئة بعد أن كانت تشكل 98 بالمئة نتيجة الانتهاكات المتواصلة بحقهم لدفع من تبقى للهجرة لخارج المدينة.

مشاركة المقال عبر