الأخبار شمال وشرق سوريا

دير الزور في مرمى الهجمات.. ما حقيقة الأوضاع هناك؟

منذ أكثر من خمسة عشر يوماً، واسم دير الزور يتصدر وسائل التواصل الاجتماعي وتنتشر الإشاعات المختلفة التي تتحدث تارة عن تحضيرات قسد لعملية عسكرية في غرب الفرات، وتارة أخرى عن خلافات بين قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري، وتارة ثالثة عن رفض العشائر العربية لقوات سوريا الديمقراطية، فما هي حقيقة هذه الإشاعات؟

تداولت بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) القريبة من الحكومة السورية والمجموعات الموالية لإيران، مؤخراً العديد من المعلومات حول وضع الريفين الشرقي والغربي لدير الزور الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

في البداية أشارت تلك الصفحات ووسائل الإعلام عن تحشيدات لقوات سوريا الديمقراطية، على طول نهر الفرات تمهيداً لشن عملية عسكرية في غرب الفرات بدعم من التحالف الدولي، ولكن سرعان ما أصدر المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية بنفي تلك المعلومات جملةً وتفصيلاً.

وقالت قسد إن تلك المعلومات المتداولة وكذلك التكهنات غير صحيحة ولا تستند إلى أي أساس واقعي.

وأشارت أن قواتهم نفذت عمليات طارئة في المنطقة بالتعاون مع قوى الأمن الدالي في إطار عملياتها الروتينية ضد خلايا تنظيم الدولة الإسلامية وتحقيق مستوى أفضل من الأمن والاستقرار لسكان المنطقة.

ولاحقاً تبين أن من نشر تلك القوات كانت غايته إحداث بلبلة في مجتمع دير الزور المعروف بأنه مجتمع عشائري وتربطه صلات قربى مع السكان في الطرف الغربي للنهر.

وفي السياق، قال مصدر عسكري من مجلس دير الزور العسكري، لموقع “فوكس بريس” إن تلك المعلومات التي انتشرت على مواقع الفيسبوك سعت لتحريض العشائر ضد القوات العسكرية سواء كان مجلس دير الزور العسكري أو قوات سوريا الديمقراطية، من خلال إخافتهم بإن قراهم وبلداتهم ستتحول إلى ساحة معارك مفتوحة بين التحالف الدولي وقسد من جهة وإيران وروسيا والحكومة السورية من جهة أخرى، حيث يرفض الأهالي أن يتزعزع استقرار المنطقة مجدداً بعد ما عانته على يد تنظيم الدولة الإسلامية خلال الأعوام السابقة، إذ شكل الأهالي إدارة ذاتية ومجالس تدير أمور المنطقة ويشارك شيوخ ووجهاء عشائر المنطقة في ضبط أمن واستقرار المنطقة مع القوات العسكرية.

وعندما فشلت هذه الإشاعات في تحقيق أهدافها، بدأت إشاعات أخرى تنتشر في المنطقة، والتي مفادها بأن هناك خلافاً بين قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري. واستغلت تلك الأطراف التي تقف خلف الإشاعات، العمليات الأمنية التي نفذتها قسد بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي ضد خلايا تنظيم الدولة الإسلامية التي كثفت من تحركاتها بالتزامن مع الاشاعات التي انتشرت في المرة الأولى وحاولت تحريض بعض سكان المنطقة ضد القوات العسكرية في المنطقة من أجل التعاون معهم، وكذلك بالتزامن مع نشاط بعض خلايا تنظيم الدولة الإسلامية وابتزازها للمواطنين من أجل الحصول على الأموال منهم بالتزامن مع استلام المزارعين لثمن محاصيل القمح التي تم تسويقها.

ولم تكتفي تلك الصفحات بنشر تلك المعلومات المضللة، بل نشرت تصريحات نسبتها إلى قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل (أبو خولة) حول توتر الأوضاع بينهم وبين قوات سوريا الديمقراطية.

ولكن سرعان ما خرج أبو خولة على وسائل الإعلام نافياً ما تم تداوله على اسمه جملةً وتفصيلاً وقال إن مجلس دير الزور العسكري هو جزء من قسد، وأن أي خلاف يمكن أن يحدث بين تشكيلات قوات سوريا الديمقراطية لا يتم حلها بتحشيد القوات بل بالعودة إلى القيادة العامة لقسد من أجل حل الخلاف وهو ما اعتادت عليه التشكيلات العسكرية في حال نشوب أي خلاف وفق النظام الداخلي لقسد. ودعا أبو خولة لحماية المكتسبات التي تحققت بفضل التضحيات الكبيرة التي قدمتها القوات العسكرية من أجل تحرير المنطقة من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية والحفاظ على الأمن والاستقرار.

وبعد فشل هذه الإشاعات أيضاً، ظهر حادث فردي في ريف دير الزور استغلته تلك الصفحات مجدداً للترويج، حيث حصل إطلاق نار بين عناصر من الانضباط العسكري وعناصر من مجلس دير الزور العسكري، ما أدى لفقدان عنصر من المجلس لحياته، واستغلت تلك الصفحات الحادثة على أنها اشتباكات بين قسد ومجلس دير الزور العسكري.

مرة أخرى، أصدرت قسد وقائد مجلس دير الزور العسكري تصريحات حول الحادثة، وقالت إنها فردية، وأشارت أن قطع الطرقات في المنطقة لم يكن من قبل القوات بل من قبل ذوي المقاتل الذي فقد حياته، كون المنطقة عشائرية وهو ما تستغله الأطراف التي تنشر تلك المعلومات المغلوطة لتحريض العشائر ضد بعضها البعض من أجل أن تتعمق الأزمة قبل أن تنكشف حقيقة هذه الإشاعات.

وفي هذا السياق أكد مصدر عسكري من دير الزور، أن نشاط خلايا تنظيم الدولة الإسلامية زاد كثيراً في المنطقة بالتزامن مع عمليات جني محصول القمح واستلام المزارعين فواتير الأقماح المسوقة، ولذلك أرادوا ابتزاز المواطنين من أجل الحصول على الأموال لتمويل هجماتهم على القوات العسكرية والعاملين في المؤسسات المدنية، فما كان من قسد وقوى الأمن الداخلي إلا أن أطلقت عمليات أمنية في المنطقة بدعم من التحالف الدولي، اعتقلت فيها عناصر وأمراء في التنظيم.

وأشار أن العديد من الأطراف التي لا يروق لها الأمن والاستقرار في ريف ديرالزور وخصوصاً قوات الحكومة السورية وإيران، تحاول بشتى الوسائل ضرب سكان المنطقة ببعضهم البعض.

ولفت أن أمراء تنظيم الدولة الإسلامية الذين يتم اعتقالهم في العمليات الأمنية المحكمة، تسميهم وسائل الحكومة السورية بـ (المواطنين الذين تعرضوا للاختطاف)، دون أن تتطرق إلى حقيقة أن هؤلاء أمراء في التنظيم.

وأوضح انه حتى الهجمات التي يشنها عناصر التنظيم ضد القوى العسكرية والأمنية في المنطقة، تروج لها تلك الوسائل وتنسبها إلى ما تسمى (المقاومة الشعبية لطرد الاحتلال الأمريكي).

منوهاً أن هذه الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام المحسوبة على الحكومة السورية يشير إلى مدى التعاون بين قوات الحكومة وتنظيم الدولة الإسلامية.

ويشار أن المرصد السوري نشر مؤخراً تحقيقاً مطولاً عن تعاون تنظيم الدولة الإسلامية مع قوات الحكومة السورية والمجموعات الموالية لإيران في غرب الفرات وكيفية نقلهم إلى شرق الفرات عبر حواجز قوات الحكومة والقوات الإيرانية لضرب قوات سوريا الديمقراطية.

وكشف المرصد أن تلك الأطراف هي من نقلت عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الذين شنوا الهجمات على سجن الصناعة في مدينة الحسكة مطلع عام 2021، وأشارت أنها قدمت لهم السلاح أيضاً في المربع الأمني بمدينة الحسكة وهي من أدخلت السيارة المفخخة ونقلت عناصر التنظيم إلى الكليات التي تحيط بسجن الصناعة الذي يأوي معتقلي التنظيم منذ القضاء عليه جغرافياً في آخر معاقله ببلدة الباغوز في ريف دير الزور ربيع عام 2019.

مشاركة المقال عبر