الأخبار سوريا

دمشق تشد الأحزمة: المؤسسات بلا ورق أو تكييف والموظفون بلا وسائل نقل

مع تعمق العجز الحكومي في مواجهة الانهيار الاقتصادي ونقص السيولة المالية، بدأت الحكومة بسياسة ترشيد الإنفاق العام، حيث أصدر رئيس الحكومة السورية حسين عرنوس، الأحد، بلاغاً طلب فيه من الجهات العامة إيقاف طباعة المفكرات السنوية حتى إشعار آخر، وفق ما جاء في بيان رسمي نشرته وسائل الإعلام المحلية أوضح أن القرار يهدف إلى «ترشيد الإنفاق العام ورفع كفاءته والاستخدام الأمثل له، وكذلك ترشيد استهلاك مادة الورق».

جاء البلاغ استناداً إلى ما تقرر في جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 11 تموز الماضي، بخصوص العمل على ضبط وترشيد الإنفاق في الوزارات والجهات التابعة أو المرتبطة بها خلال الفترة القادمة، خاصة ما يتعلق بالكهرباء، المحروقات، القرطاسية، الأثاث، وغيرها.

ويشار إلى أن بعض الدوائر الحكومية كمديريات المياه وجهات أخرى، توقفت عن استخدام الورق في الفواتير والإيصالات، مستبدلة بذلك رسائل نصية قصيرة بالهاتف المحمول، وكانت سبقتها إلى ذلك بعض الشركات الخاصة كشركتي الاتصالات الخلوية سيرتل وإم تي إن.

وتستورد سوريا شهرياً آلاف الأطنان من الورق بقيمة تتراوح بين 4 و 5 ملايين دولار، وفقاً لأرقام رسمية، حيث تعد المؤسسات الحكومية الأكثر استهلاكا للورق، لا سيما المصارف والمطابع، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة في صناعة الورق الأبيض وكرتون الطباعة لصعوبة استيراد المواد الأولية.

وفي سياق ترشيد الإنفاق العام، توقفت العديد من الجهات الحكومية عن تشغيل المكيفات وكذلك توقفت عن خدمة نقل موظفيها من وإلى مواقع العمل. وأفاد موقع (صوت العاصمة) نقلا عن عامل في مصرف سوريا المركزي، أن عملية نقل الموظفين من وإلى منازلهم توقفت منذ مطلع شهر تموز الفائت، بسبب انتهاء عقود حافلات النقل وعدم تجديدها من قبل إدارة المصرف.

موظفة في أحد المصارف الحكومية، قالت للشرق الأوسط، إن: «الوظيفة الحكومية باتت عمل سخرة»، إذ يذهب أكثر من نصف الراتب للنقل وما تبقى بالكاد يغطي تكاليف وجبة طعام واحدة. علما بأنها قدمت استقالتها ثلاث مرات ورفضت. وقالت إنها تفكر بالسفر لكن قوانين منع الاستقالة وصعوبة الحصول على موافقة مغادرة «يجعلني معتقلة في بلدي ووظيفتي».

وتقدر تكلفة استخدام وسائط النقل العامة، بين الألفين والثلاثة آلاف ليرة، يوميا، بحسب المسافات وعدد الحافلات المفترض استخدامها، أما التاكسي فتتراوح تكلفته بين 15 و20 ألفا للمرة الواحدة حسب المسافات، بينما متوسط الرواتب 150 ألف ليرة سورية، علما بأن سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد يبلغ نحو 12 ألف ليرة سورية.

ولا يعد المصرف المركزي المبادر الأول في عدم تجديد عقود الحافلات، فقد سبق وقامت بذلك جهات أخرى لعدم توفر المحروقات التي تخصصها وزارة النفط للدوائر الحكومية لتشغيل سياراتها وآلياتها.

يذكر أن الأشهر القليلة الماضية شهدت ازديادا كبيرا في أعداد الموظفين الراغبين في الاستقالة، تزامنا مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي أثّرت في الجميع، نتيجة ارتفاع الأسعار والتضخم غير المسبوق.

ومع تفاقم تردي الوضع المعيشي، ارتفعت أعداد الموظفين الراغبين بالاستقالة من العمل الحكومي. وبحسب الأرقام الرسمية، استقال خلال النصف الأول من العام الجاري نحو 1800 موظف حكومي في مدينة دمشق، ونحو 700 موظف في قطاع التربية في محافظتي السويداء والقنيطرة. كما سجلت محافظة اللاذقية 516 طلب استقالة، وذلك رغم منع الحكومة للاستقالة، وفرض شروط مثل إتمام 30 عاما في الخدمة، لم الشمل للأزواج، أو معاناة الموظف من مرض يمنعه من مواصلة عمله.

ويهدد القانون من يترك عمله بملاحقته بأحكام المادة 364 من قانون العقوبات المعدل بمقتضى المرسوم التشريعي ذي الرقم /46/ لعام 1974، وهي الحبس من ثلاث إلى خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مع التعويضات لمدة سنة كاملة.

مشاركة المقال عبر