الأخبار تركيا سوريا شمال وشرق سوريا

استهداف المنشآت الحيوية والمراكز الخدمية في دير الزور مُخطط تم الاتفاق عليه في رباعي أستانة

جهاد نوح

في حين أن موسكو وأنقرة وطهران ومعها دمشق كانت تسوّق باستمرار أنَّ الاجتماعات التي تجري بينهم يأتي في إطار بذل الجهود الرامية لوقف نزيف الدم السوري وإحلال الأمن والسلام في المنطقة، إلّا أنّ التطورات الموجودة على أرض الواقع يعكس حقيقة ذلك ويؤكد أنّ البيانات التي تخرج عن تلك الاجتماعات لا تكاد تتعدى في إطار المفهوم الإعلامي، بينما على الأرض تواصل هذه الأطراف الاستمرار في إحداث الفتن بين مكوّنات المنطقة وهدر المزيد من الدماء بأي وسيلةٍ كانت لإطالة أمد الصراع الذي بدأ منذ العام 2011.

في الـ20 من حزيران الماضي، اجتمعت موسكو وطهران وأنقرة ودمشق في جولة جديدة من أستانة لتتفق هذه الأطراف وبصريح العبارة في محاربة الإدراة الذاتية لشمال وشرق سوريا من خلال القول أن الإدارة الذاتية تنفّذ أجندات انفصالية تهدد الأمن القومي لدول الجوار بما في ذلك الهجمات عبر الحدود، إلا أن الحقائق تؤكد بما لا لبس فيها أنّ الإدارة الذاتية هي الطرف الوحيد التي تمتلك مشروعاً وطنياً جامعاً وسبق أن دعت مراراً وتكراراً إلى المبادرة الوطنية التي اقترحتها لوقف الصراع في سوريا إلا أن هذه الأطراف لم ولن تؤيد ذلك لأنها تتعارض مع مصالحها على حساب مصالح الشعب السوري وهي لا تريد أن يتوقف الصراع.

ولقطع الطريق أمام هذه المبادرة التي دعت إليها الإدارة الذاتية على مستوى سوريا جامعةً اتفقت هذه الأطراف في أستانة على ضرورة شن هجمات جديدة على شمال وشرق سوريا وخاصة عبر استهداف ممنهج للبنى التحتية والمنشآت الحيوية بهدف التأثير المباشر على الوضع الاقتصادي في المنطقة.

ما يحصل في دير الزور من هجمات تشنها المجموعات المسلحة التابعة لقوات الحكومة السورية وإيران بين الفينة والأخرى والتي تتحرك تحت مسمى «قوات العشائر» مرتبط بما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الرباعي الذي عُقد في موسكو.

فبعد أن أطلقت قوات سوريا الديمقراطية عملية “تعزيز الأمن” في ريف دير الزور في الـ 27 من أغسطس / آب الفائت، والتي استهدفت التجار بين ضفتي نهر الفرات الذين كانوا يقومون بتهريب النفط والطحين إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، وبالمقابل كانوا يهربون المخدرات وحبوب الكبتاغون من مناطق الحكومة إلى شمال وشرق سوريا، لتسارع هذه الأطراف إلى استغلال العملية الأمنية عن هدفها الرئيسي وإظهار أنها حرب كوردية عربية وخلق الفتن بينهم، ووفقاً لذلك بدأت هذه الأطراف بإرسال مجموعات مدّتها بالسلاح والذخيرة وكان من ضمنهم قيادات في الدفاع الوطني السوري وقائد أسود الشرقية التابع لإيران.

وما أن دخلت هذه المجموعات إلى عدة قرى في الضفة الشرقية لنهر الفرات ضمن مناطق نفوذ قسد حتى بدأت بسرقة ممتلكات الأهالي ومحتويات المؤسسات الخدمية، وخلعت النوافذ والأرضيات وسرقتها ونقلتها إلى الضفة الغربية لنهر الفرات، كما استهدفت حقول النفط وصهاريج المحروقات ومحطات المياه والكهرباء.

ومنذ نهاية أغسطس / آب الماضي تستمر هذه المجموعات المسلحة باستهداف القرى الواقعة تحت نفوذ قسد في الضفة الشرقية لنهر الفرات بدير الزور حيث تتعمد استهداف المنشآت الحيوية والمحطات الخدمية مثل محطات المياه والكهرباء إضافة لمنشآت النفط.

وتدير هذه المجموعات غرفة عمليات مشتركة بين محور أستانة، إذ أمرت الاستخبارات التركية فصيل أحرار الشرقية ومتزعمها أبو حاتم شقرا بإرسال مسلحين إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات باسم العشائر والتنسيق مع نواف راغب البشير متزعم مجموعة أسود الشرقية الموالية لإيران.

واجتمع حاتم أبو شقرا مع المدعو أبو جعفر شقرا وآخرين في منتجع بمدينة أورفا الواقعة على الحدود التركية السورية، ومن هناك تواصلوا مع أمير بن نواف راغب البشير الذي يقود مجموعات أسود الشرقية التابعة لإيران في الضفة الغربية لنهر الفرات، وتم الاتفاق على إرسال عشرات المسلحين من أحرار الشرقية من أجل مشاركة الدفاع الوطني التابعة للحكومة السورية وأسود الشرقية التابعة لإيران في شن الهجمات على قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري باسم العشائر العربية.

في حين أن شعبة المخابرات العامة لدى الحكومة السورية أوعزت إلى خلاياها بشن الهجمات على المنطقة والقيام بأعمال شغب وتخريب في عدد من بلدات ريف دير الزور، وذلك بهدف توتير الأجواء وخلق اقتتالات داخلية بين سكان المنطقة من أجل تمرير أجنداتها.

كما كلفت الاستخبارات التركية أفراداً يتبعون لها ويتواجدون في المناطق التي تسيطر عليها تركيا في الشمال السوري وينحدرون من قبيلة الزبيد (العكيدات – البكير)، بجمع المساعدات المالية من أبناء قبائلهم في الدول المجاورة وبشكل خاص أبناء هذه القبائل في السعودية ومن يعيش منهم في بلاد المهجر وبشكل خاص في ألمانيا التي تنشط فيها العديد من الجمعيات التركية.

وبحسب مصادر مقربة من القبيلة، فأن هؤلاء الأشخاص الموالين لتركيا وينخرطون ضمن صفوف الائتلاف وفصائل الجيش الوطني التابعة لتركيا، يسعون من خلال جمع الأموال لشراء الأسلحة والذخيرة وتأمين رواتب للعناصر الذين يرسلونهم إلى ريف دير الزور في الضفة الشرقية لنهر الفرات وذلك من أجل ضرب أمن واستقرار المنطقة وشن هجمات على قوات سوريا الديمقراطية، لإظهار أن أبناء العشائر العربية يحاربون قسد.

وفي حين كان المسلحون المدعومين من قبل محور أستانة يواصلون هجماتهم في دير الزور ويعيثون دماراً وخراباً في المؤسسات والمنشآت الحيوية، تحركت القوات التركية من جهة أخرى وشنت في الـ5 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هجمات بالطائرات الحربية والمسيرة استهدفت معظم البنى التحتية في شمال وشرق سوريا ما أدى لحرمان الملايين من السكان من الكهرباء والمياه والمحروقات وسط خسائر فادحة في تلك القطاعات.

ليس بالضرورة أن تعبر المقالة عن رأي الموقع

مشاركة المقال عبر