مخـ ـطط تركي وقطري جديد في سوريا.. منح الجـ ـنسـ ـية للمسـ ـلـ ـحين الأجـ ـانب

في خطوة تستهدف تغـ ـيير الواقـ ـع الديمغرافي في سوريا، أرسلت الاستخـ ـبـ ـارات التركية توجـ ـيهات إلى أنـ ـس خطـ ـاب، وزير الداخلية لدى سلـ ـطة دمشق ومسـ ـؤول استـ ـخبـ ـارات هيـ ـئة تحـ ـرير الشـ ـام، تتعلق بتغـ ـيير في التركيبة السكانية للمناطق الخاضعة لسيـ ـطرة الفصـ ـائل المـ ـدعـ ـومة من تركيا. تركز هذه الخطة على إدخـ ـال 8 آلاف مسـ ـلح أجـ ـنـ ـبي إلى السجل المدني السوري، وهو ما يتضمن مسلـ ـحين من جـ ـنسـ ـيات متعددة تشمل تركيا، والعالم العربي، وأوزبكستان، وطاجيكستان، وأفغانستان. ويهدف هذا التحـ ـرك إلى تمكين هؤلاء المسـ ـلـ ـحين من الاندمـ ـاج في المؤسسات الحكومية السورية عبر تجـ ـنيسـ ـهم وتحويـ ـلهم إلى مواطنين سوريين.

إدخال المسلحين إلى السجلات المدنية

وبناء على التوجيهات التركية التي كشفت عنها مصادر خاصة، سيتم تسجيل هؤلاء المسلحين الأجانب في السجلات المدنية السورية مع تغيير أسمائهم لتصبح أسماء سورية محلية. هذا الإجراء يهدف إلى تمهيد الطريق لانضمامهم إلى مؤسسات الدولة السورية في مرحلة لاحقة.

وهذه الخطوة تمثل جزءًا من استراتيجية تركيا لتضليل المجتمع الدولي، خصوصًا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بشأن وجود المسلحين الأجانب في سوريا. من خلال جعل هؤلاء الأفراد يظهرون كمواطنين سوريين، تحاول تركيا إخفاء حقيقة أن هذه المجموعات هي في الأصل مليشيات أجنبية.

توزيع الأراضي في عفرين

وبعد إدخال هذه الأسماء في السجلات المدنية السورية، أكدت المصادر أنه سيتم تنفيذ مرحلة ثانية من المخطط، وهي توزيع الأراضي والممتلكات على هؤلاء المسلحين في منطقة عفرين عبر منظمات تركية مدعومة من جمعيات قطرية تابعة لديوان أمير قطر.

ووفق المصادر، سيتم بيع الأراضي على أساس أنهم قد اشتروا هذه العقارات بشكل قانوني. هذه الخطوة جزء من استراتيجية واسعة النطاق تهدف إلى تغيير الوضع السكاني في المناطق ذات الأغلبية الكوردية، وتحديدًا في منطقة عفرين، التي كانت تاريخيًا مناطق ذات أغلبية كوردية.

التنسيق بين الاستخبارات التركية والقطرية

وبحسب المعلومات التي كشفت عنها المصادر، قدمت الاستخبارات القطرية هذه الخطة وتم إبلاغ المخابرات التركية بأهداف الخطة وتفاصيل تنفيذها. من خلال التنسيق بين الأجهزة الاستخباراتية التركية والقطرية، يتم الدفع نحو توطين هذه المجموعات المسلحة في الأراضي السورية، خاصة في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لتركيا.

خداع الرأي العام الدولي

الهدف الاستراتيجي من هذه الخطوة هو تضليل المجتمع الدولي بشأن الوجود الأجنبي في سوريا. خاصة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعترضان على شرعية حكومة دمشق بقيادة أحمد الشرع بسبب وجود هذه الميليشيات الأجنبية.

وعبر منح هؤلاء المسلحين الجنسية السورية، تسعى تركيا وقطر إلى تقديمهم كجزء من النسيج المجتمعي السوري، مما يمكن حكومة دمشق من التملص من الضغوطات الدولية المتعلقة بالوجود الأجنبي في البلاد.

رفع العقوبات الدولية وتبرير شرعية سلطة دمشق

هذه الخطة لا تقتصر على تغيير الواقع السكاني فحسب، بل تشمل أيضًا محاولة لتبرير شرعية السلطة في دمشق أمام المجتمع الدولي. بمجرد أن يصبح هؤلاء المسلحون جزءًا من الشعب السوري بموجب الجنسية السورية، ستتمكن الحكومة السورية من إظهار نفسها كدولة ذات سيادة وقادرة على التعامل مع الضغوط الدولية. كما يأمل الطرفان التركي والقطري أن يساهم هذا الإجراء في رفع العقوبات الدولية المفروضة على دمشق، والتي تركز بشكل رئيسي على وجود هذه المجموعات المسلحة الأجنبية.

التدخلات المستقبلية في دول أخرى

المخطط التركي القطري لا يقتصر على سوريا فقط، بل يمتد ليشمل توسيع النفوذ الإقليمي للبلدين في المستقبل. بمجرد أن يتم تجنيس المسلحين، قد يُستخدم هؤلاء في مناطق أخرى حيث تتواجد تركيا وقطر، وذلك بهدف دعم مشاريع تدخلات سياسية وعسكرية تحت غطاء حماية حقوق الشعوب أو مكافحة الإرهاب. هذا التكتيك يُعتبر امتدادًا للأساليب التي استخدمها الطرفان في سوريا منذ بداية الأزمة في 2011، ويهدف إلى خلق تأثير استراتيجي في دول أخرى عبر تجنيد وتوظيف هذه المجموعات المسلحة.

تغيير ديمغرافي في منطقة عفرين

ومنذ عام 2021، شهدت منطقة عفرين تحولات ديمغرافية ملحوظة، خاصة بعد قيام تركيا بدعم بناء مستوطنات جديدة. هذه المستوطنات تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في المنطقة عبر توطين السوريين الموالين لتركيا، مما يساهم في تحويل عفرين ذات الأغلبية الكوردية إلى منطقة ذات غالبية تركمانية وعربية موالية لتركيا. وتمول قطر هذه المستوطنات عبر منظمات مدعومة من الديوان الأميري القطري، حيث يتم شراء الأراضي والعقارات وتوزيعها على المستوطنين الجدد.

والهدف الأساسي من هذه المستوطنات هو تعديل الواقع الديمغرافي في منطقة عفرين مما يعزز النفوذ التركي في تلك المناطق. وتهدف هذه السياسة إلى تقليص تأثير السكان المحليين الذين لا يوالون تركيا وتحويلهم إلى أقلية داخل مناطقهم الأصلية. وفي الوقت ذاته، فإن هذا التغيير يعزز من قبضة تركيا على الأرض ويزيد من قدرتها على فرض سيطرتها في منطقة حساسة من الناحية الجغرافية والديمغرافية.

المخطط التركي القطري في سوريا يمثل جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى توسيع النفوذ الإقليمي لتركيا وقطر في المنطقة عبر تغيير الواقع الديمغرافي والسكاني في المناطق الاستراتيجية مثل عفرين. إن هذا المخطط لا يقتصر على منح الجنسية للمسلحين الأجانب، بل يشمل تغييرات واسعة في هيكلة المجتمع السوري بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للدولتين. ومع تنفيذ هذا المخطط، قد يتغير الوضع الديمغرافي بشكل جذري في مناطق معينة من سوريا، مما يساهم في تحقيق أهداف سياسية بعيدة المدى.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى