حمص تواجه أزمـ ـة عطش خـ ـانـ ـقة تهـ ـدد حياة أكثر من 150 ألف مواطن

حمص نموذج صارخ لما يعانيه السوريون من انهيار في الخدمات

تعيش أحياء البياضة ودير بعلبة في مدينة حمص، وسط سوريا، أزمـ ـة عطش غير مسبوقة منذ أكثر من خمسة عشر يوماً، نتيجة انقطاع مياه الشرب بشكل تام، ما تسـ ـبب بمعـ ـاناة خـ ـانـ ـقة لأكثر من 150 ألف مواطن، في ظل وضع اقتصادي مـ ـأزوم وبنية تحتية متـ ـدهـ ـورة. وقد أطلق ناشطون من المدينة حملة استـ ـغـ ـاثة تحت وسم “#حمص_عطشى” عبر منصات التواصل الاجتماعي، مطالبين بتدخل فـ ـوري لإنـ ـهـ ـاء الكـ ـارثة الإنسانية.

نقص حاد في المياه وانهيار للبنية الخدمية

تشير المعطيات إلى أن أحياء واسعة من المدينة لم تصلها المياه بشكل منتظم منذ أسابيع، ما اضطر السكان للاعتماد على صهاريج خاصة بتكاليف باهظة. كما كشفت مصادر محلية عن أن العديد من الآبار، التي كانت تؤمن الحد الأدنى من الاحتياجات خلال سنوات الحصار، لا تزال خارجة عن الخدمة بسبب غياب الصيانة والدعم اللازم.

وبينما لا توجد مؤشرات واضحة على تحرك فعلي من الجهات المعنية لحل الأزمة، يواجه السكان صعوبة متزايدة في تأمين المياه لأغراض الشرب والاستخدام اليومي، وسط غياب التنسيق بين الدوائر الخدمية وارتفاع تكاليف تعبئة المياه التي تجاوزت قدرة معظم العائلات.

انخفاض خطير في منسوب نبع “عين التنور”

السبب الرئيسي للأزمة، بحسب مصادر فنية في مؤسسة المياه، هو التراجع الحاد في منسوب نبع “عين التنور”، المصدر الرئيسي لمياه الشرب في المدينة، نتيجة التغيرات المناخية، إذ انخفض المنسوب إلى أقل من 80 سم مقارنة بـ170 إلى 188 سم في مثل هذا الوقت من العام. وعلى الرغم من ضخ كميات ضخمة من المياه وصلت إلى نحو 580 ألف متر مكعب يوميًا، فإن الكميات المتاحة لم تعد تكفي لسد النقص الحاصل.

محاولات ترميمية عاجلة دون جدوى

في مواجهة الأزمة، تعتمد مؤسسة المياه على مصادر بديلة مثل آبار حريج وآبار أخرى داخل المدينة. وقد تم تجهيز 12 بئرا جديدة، فيما لا تزال عمليات تأهيل مستمرة لـعدد من الآبار المتوقفة. كما خُصصت موازنات حكومية لإعادة تأهيل 10 آبار إضافية، إلا أن هذه الإجراءات لا تُعد حلاً كافياً، إذ تبقى المصادر الرديفة غير قادرة على تعويض ما يوفره نبع التنور.

معاناة يومية وسخط شعبي

رصدت وسائل إعلام محلية ومنصات اجتماعية شهادات مؤلمة من السكان الذين يواجهون العطش والجوع وانعدام أبسط الخدمات. العائلات باتت تنتظر ساعات طويلة لتعبئة المياه، فيما يحرمها انقطاع الكهرباء المتزامن من تعبئة الخزانات. ويعاني كبار السن والأطفال بشكل خاص، في حين تتفاقم أزمات أخرى موازية، منها ارتفاع أسعار الإيجارات ونقص المواد الأساسية.

نداءات عاجلة بلا استجابة

ويطالب السكان بضرورة التحرك الفوري من الجهات الحكومية والجمعيات والمنظمات المحلية والدولية لتأمين المياه كأولوية إنسانية قصوى، خاصة أن الأزمة قد تتفاقم مع قدوم أشهر الصيف.

وفي ظل هذه الظروف، تبقى حمص نموذجًا صارخًا لما يعانيه السوريون من انهيار في الخدمات، في وقت تكثر فيه الوعود وتغيب الحلول، وسط صمت رسمي يترك أكثر من 150 ألف مواطن تحت وطأة العطش والحرمان.

 

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى